Tuesday 30 June 2009

نظرية المؤامرة1: الدين

الدين هو ذلك المبحث المتعلق بأكبر التجارب الإنسانية وأعمقها و أكثرها حساسية لدى الإنسان ، و هي الحياة و الموت والإحتياج الإنساني المبرر لوجود الأرقى كائنا و كينونة ، لتكون للحياة قيمتها كذا الموت. وذلك ما سعى الكثير من الفلاسفة و لايزالون لفهمه و بحثه ، فمنهم من قال أن الإنسان خلق باحثا عن الكمال في صورة الخالق (أرسطو) ، و منهم من قال ببساطة أن الله قد مات (نيتشيه).
ومنذ فجر الإنسانية حتى نهايتها ستبقى الأديان و ستظهر أخرى و تندثر أخرى ، لتظل الحاجة الإنسانية المتمثلة في الإجابة على السؤال الإنساني البدائي : من أنا ؟ و ماذا أفعل هنا ؟ وإلى أين سأنتهي؟.
وعموما ليس ذلك هو مبحثي في هذه المقالة. فأنا أناقش ههنا الحاجة الإنسانية أن يجمعنا الدين ، لا الحاجة الدينية التي يجب أن تجمعنا.فإن كانت الأديان – وحديثي ههنا عن الأديان السماوية الثلاثة- قد بلغت ما يقارب ال 3000 عام من العمر ، فما العنصر المتغير إذن؟؟
إنه نحن...
يقع أغلب الباحثين و المراقبين و المثقفين و حتى العامة و من ثم إنعكاسا على الآخر ، في جدلية ( ما تأثير الإسلام على المسلمين؟)، متناسيين تماما أن الإسلام ثابت منذ ما يزيد عن ال 1400 عام ، في حين أن المسلمين (؟!!) قد مروا في تلك الفترة بعهود من القوة و السيطرة و الضعف و الرقي و الحرب و السلم والإنحلال و التفكك و الثورات و فكان الإسلام –كدين- ثابت بينما تغير المسلمون.
أليس الأجدر بنا إذن أن نتساءل ما تأثيرنا نحن المسلمون على الإسلام؟ و بالتالي نظرة الآخر لنا، و للإسلام. فالدين الإسلامي و الحضارة الإسلامية على إمتداد تاريخهما بداية من يوم بزوغ وثيقة المدينة المنورة وحتى تاريخنا هذا يحفلان بالعديد من الأمثلة الدالة على القدرة على إستيعاب الآخر ، و التي كانت تلك الوثيقة أول دلائلها:
1. في عصر رسولنا الكريم ، كانت تجمعه باليهود إتفاقيات ملزمة لها ما لها و عليها ماعليها ، إلى أن نقضوا عهدهم ، فبذلك كان الإسلام حتى في زمن الحرب قادر على إستيعاب الآخر.
2. في عصر الدولة الإسلامية في الأندلس كتب الفيلسوف اليهودي إبن ميمون أعظم كتب الفلسفة اليهودية.
3. وفي نفس تلك الفترة الزمنية حارب اليهود كفرقة مقاتلة في صفوف الجيش الإسلامي أمام ملوك و أمراء الصليب لتطهير أوروبا من الحكم الإسلامي.
4. ومن الزمن الحديث لاتزال تظهر لنا تلك الشهادات الموضوعية و الخارجة عن نظرية أنا أختلف إذن أنا موجود : نظرية المؤامرة ، ومنها شهادة المفكر و الكاتب الفرنسي اللبناني الأصل أمين معلوف و التي يقول فيها: ( لئن كنت من أصول مسلمة في زمن دخول الحملات الصليبية للأراضي المقدسة أو الأندلس ، ما كان لأجدادي حينها تلك الحرية الدينية التي كانت لهم و هم من أصول مسيحية زمن الفتح الإسلامي ، فقد كانوا سيعمدون بالقوة أو أن يقتلوا!).
5. زرياب و مدرسته للفن و الموسيقى ، التي كانت منارة الفنون وقتها.
6. الدوله العباسية و الأموية و تطور الفن و الأدب و الإحتواء الديني للآخر في بوتقة الوطن، وشواهد ذلك تقف حاضرة في تاريخ دمشق و بغداد (أعانها الله و أعاننا).
7. كان العرب و ليس المسلمون فقط عندما ينتصرون كانت تسود عقيدة التسامح و الإنفتاح لا غطرسة القوة ، فينطلقوا لترجمة الموروث اليوناني و الإيراني – الفارسي و الهندي مما سمح بإزدهار العلم و الفلسفة و الفنون و الآداب و الطب و العلوم الدينية ، و من ثم كان الإنتقال من التقليد و النسخ إلى الإبداع في التنجيم و الزراعة و الفلك و الأدب و الرياضيات و الفلسفة ، ويكفي لذلك القول أن إبن رشد كان هو المنقذ الوحيد للفلسفة الأروسطية من الإندثار و من ثم بعثها من جديد للعالم.
وإذا أمعنا النظر في التاريخ الإسلامي و العربي سنجد الكثير من الشواهد التي لن تكفيها صفحاتي هذه لذكرها.
إذن ، من العلاقة الثلاثية : الدين – الآخر – نحن ، تبقى لبحثنا عنصرواحد وهو ال(نحن)...المسلمون.
حيث لايمكن فصلنا (نحن و أفعالنا ) عن تلك النظرة النمطية المغالطة التي يتبناها الآخر، وأقصد هنا للأسف بأفعالنا المستوى الفردي و الجماعي ،و بالذات في غياب الوعي الفردي و الجماعي ، ليطل علينا البعض ليطالب بمنتهى الكوميدية أن نحاسب الآخر عن إنطباعه .
فبالنظر لشواهد التاريخ و مقارنتها ، نجد أننا (الآن) نفتقر كمسلمين و ليس كإسلام لعنصر هام جدا يسمى (ثقافة الإختلاف) ، فنحن لا نعرف كيف نختلف ، ليس لأننا متفقين ، إنما لأن نظرتنا للإختلاف تقع ضمن قاعدة (البقاء للأقوى).
فنظرتنا القاصرة للمختلف تفرخ لنا الكثير من الإتهامات الجوفاء الرنانة التي تشبع غرائزنا الصوتية ، من كفر و جهل و خيانة و ظلامية ، في محاكمة يكون فيها الإدعاء هو القاضي و الجلاد ، بينما يجب أن يكون الحكم فيها هو فقط لله و التاريخ و الإنسانية معا ، وقد كان من أول ضحاياها جاليليو .
ثم بعد ذلك تأتي مشكلة أننا لم ننضج بالقدر الكافي لنفرق بين الفرد و الفكرة ، بقصر نظر يشهده لنا التاريخ من مسرحيات (التكفير و إباحة الدم) ، بطريقة سينمائية تعيد لمخيلتي صور مجرم الغرب الأمريكي في صورته بالأبيض و الأسود كتب عليها (مطلوب) والجائزة المالية ($) ، وقد علقت على عمود إضاءة خشبي ، تهز أطرافها الرياح المحملة بالأتربة ، كاشفة ظلا من بعيد يتضح فيما بعد أنه المجرم ، وكالعادة ترق قلوب المشاهدين للمجرم ويقبلون على كتبه وأفكاره...أقصد جرائمه ، لينتهي الفيلم و نحن معجبون بالمجرم ولا نتذكر وجه الشرطي ، كما حدث مع الكاتب سلمان رشدي الذي لم يعرفه أحد إلا بعدما أصدرت إحدى أنظمتنا العنترية فرمانا بإباحة دمه و تكفيره ، ليخرج بذلك للأضواء.
لقد أثبتت لنا الإنسانية و التاريخ أن الفكرة لا تواجه سوى بالفكرة و الحرية بالمزيد من الحرية ، ولكن لأن ذاكرتنا قصيرة العمر كالأسماك فإن علاقتنا بالتاريخ لا تتعدى مرحلة ( الخلق) بينما وصل الآخر لحقيقة أن التاريخ يعيد نفسه
.

Wednesday 17 June 2009

نظرية المؤامرة

البشريختلفون في إختياراتهم وإنتماءاتهم وإنتاجاتهم و ثقافاتهم و هوياتهم و حضاراتهم ، و فكرة الإختلاف تنتج – منطقيا – من وجود طرفين يختلفين في العناصر السابقة ، ولكن النزوع لطرح الإختلاف لكونه الأساس الوحيد لتقابل الهويات/الحضارات و تفاعلها ينتج صورة موتورة و مجحفة لفكرة التميز ومنه الخلق و الإنتاج إلى أكثر الصور الإنسانية سموا و هي الإبداع ، لأن الإنسان يتميز بكونه أمكانا لا يعرف المستحيل أو الثبات.

مادعاني لكتابة هذه السطور ، ما ظهر لي في هذه الفترة من أفلام وثائقية وحتى أفراد يؤيدون إحدى أكثر النظريات تدميرا ، وهي نظرية المؤامرة ، تلك النظرية التي تعتمد بعدا واحدا لفكرة وواقع الإختلاف وذلك لتبرير إنتاج الكثير من البروتوكولات التدميرية المبررة تحت منطق (أننا مختلفون عن الآخر)، و التي و إن كانت تستهدف الإختلاف ، فتلك النظرية لا تقرب بقدر ما تعزل ، مما يعمق و يزيد واقع الإختلاف ضراوة و سوءا.
ومما يدعو للأسف أن تلك النظرية قد لقيت القبول و الإستحسان لدى شريحة مجتمعية عريضة ، يفترض بها أن تكون أكثر وعيا ولاأقول أكثر ثقافة حيث أنه في بلادنا أصبحت الثقافة رفاهية إن لم تكن مدمرة لمجرد خروجها عن أسوار الحلال و الحرام و رقابة المقبول و المرفوض في زمن الطواريء، ومن تلك الشريحة للأسف نجد أطباءا و مهندسين و...إلخ.

ولكي أوضح فكرة الفروق و الإختلاف بين الهويات و الثقافات و الحضارات سأحاول تصويرها كعلاقة بين طرفين (A) و (B) على مستوى عامودي/رأسي (كما تمثله النظرية):
وهنا سيكون لدينا وبما تقتضيه كلمة (فروق) الطرف (A)- فرضا- أعلى من الطرف (B) ، وما ينتج عن ذلك من إحساس بالعليائية و إحساس زائف بالأمان من الممكن أن يختزل التميز و الإختلاف في كونهما و سيلة لتعميق الفارق فقط وليسا هدفا أو غاية في حد ذاتهما ، لأن الفارق مابين الطرف (A) بإتجاه الطرف (B) هو بالسالب.
أما الطرف (B) وهو الأهم لدينا لأنه دوما هو ضحية نظرية المؤامرة ، فنجد أن لديه الإحساس بالدونية و الوحدة ،وإن كانت المسافة منه بإتجاه الطرف (A) بالموجب فإن وجود تلك العلاقة على مستوى رأسي يختزل هو أبضا الرغبة في التميز و الإختلاف وإن كان فرديا في إستراتيجيات رأب الصدع و الفروق فقط ،ليس في التميز الفردي في حد ذاته كصورة إنسانية مما يفسر نزيف الأدمغة من عالمنا العربي/ المسلم / الشرق أوسطي للخارج . لكون أغلب تلك الإبداعات لا توافق تعاريفنا الموتورة للتميز والإختلاف في زمن الدونية و الوحدة.
وبما أن الحس بالإختلاف عن الآخر (عاموديا-رأسيا) يولد إحساسا بالتهديد و الإستهداف و الضعف ، فيما تقننه نظرية المؤامرة ، فإن الحاجة الإنسانية الحيوانية البدائية لوجود المخلص تظهر، مما ينتج لنا الفرد و النظام و الأيقونة و الناموس المطلق الصلاحية و القوة و السلطة و الصواب. ومن هنا تظهر الأنظمة و القادة و الشيوخ و الرهبان وحتى الأفراد الذين يغذون ذلك الحس بالإختلاف رأسيا لتزداد الحاجة إليهم لمواجهة الآخر في ديمومة العلاقة (البقاء للأقوى)، وتظهر لنا بعد ذلك العديد من المسميات و الصور لحالات الطواريء من الرقابة و الحلال و الحرام و الصحة و الخطأ مما يقتل الوعي الجماعي للأمة.

أما التمثيل الذي أعتمد صحته في هذا المقال ، هو التمثيل الأفقي للعلاقة ، وللإيضاح أكثر توجب علي العودة لإحدى النقاط التي ذكرتها سابق في أحد مقالاتي:
(كوني أردنيا فهذا شيء أتقاسمه مع خمسة ملايين شخص ، و كوني مصريا فذلك أتقاسمه مع مايزيد عن الخمسة و السبعين مليونا ، أما أن أكون مصريا و أردنيا في آن فذلك شيء أتقاسمه مع بضعة آلاف على الأكثر ، فكيف إذن لو إحتسبت أصولي الفلسطينية ؟
إذن فكل هوية تربطني بعدد كبير من الناس ولكن كلما إزدادت هوياتي كلما إزددت تميزا و إختلافا، بدون أن أنفصل عن بقية هوياتي لحساب هوية ما بعينها.
فبإضافة كل عنصرأزداد قدرة على التواصل و التفاعل مع الآخر ، لأن كل إضافة لكل هوية أو عنصر تتم بمفرداتها و خواصها المميزة لها ،فالهوية كما اللغة لها مفرداتها وأبجديتها وآدابها).

وبالعودة للتمثيل الأفقي للتمايز و الإختلاف سنجد لدينا الطرف (A) و الطرف (B) تجمعهما الندية الحرة في مستوا أفقي واحد يقضي على أحادية الإختلاف و ماينتج عنها من دونية و عليائية وسيطرة و ضعف في ثنائية لا تنتهي.
فيكون بذلك لكل فضاؤه المفتوح للإبداع و التميز و الإختلاف غير محكوم بأي قانون تضعه أي نظرية تقنن الخوف و الكراهية أواي سقف يضعه المخلص الفرد/ النظام / الأيقونة / الناموس ، وبذلك ينتهي عصر الوثنية السياسية و الدينية و العلمية وحتى الإبداعية ، فيما يخدم عالمية الإنسانية ويفتح آفاق التفاعل الإنساني المبدع الخلاق الحر دون الحاجة للطواريء و الرقابة وسلطة الحلال و الحرام الخارجة عن قاعدة (الأصل في الأشياء الحل).
فنحن نتقاطع تاريخيا و ثقافيا مع الآخر في الكثير ، وحتى إذا لم توجد نقاط الإلتقاء تلك مع ذلك الآخر المختلف فيكفي أن تكون إنسانيتنا هي ذلك المحور الأفقي الذي يجمعنا أكثر مما يفرقنا ، لنجد في نهاية الأمر أن لا آخر إلا أنا.

Sunday 7 June 2009

ردا على أوباما......1

أعلم أن ما سأبدأ به الآن يقع خارخ حدود السياق المعنون أعلاه ، ولكن..
1.في عصر الديكتاتوريات العربية المزدهرة ، ليس من المستغرب أن تقرر الحكومة / الفرد برئاسة ذات الفرد الإستغناء عن المدخول القومي ليوم كامل في زمن الفساد و الأزمات ، تحضيرا لزيارة رئيس دولة ما .لتخسر البلد من إنسانيتها وحضارتها و إحترامها لذاتها وليوم من الحياة بكل ما قد يحمله لنا من مقدرات و ظروف متى وقعت فلن تنتظر موافقة الفرد على المرور.
ولكن رب ضارة نافعة، فذلك اليوم وإن كان بدون تخطيط قد ساهم في إيقاع الناس فريسة التفكير و من ثم التفاعل مع حدث بالغ التفرد وخطاب آخاذ .

2.في عصر المعلومة السريعة مرئية كانت أو مسموعة ، من السفة و الحماقة السياسية و التاريخية أن تتم عملية تجميل لواقع ميت صارخ اليأس في 12 ساعة ، متغافلين عن حقيقة أن المظاهر الكاذبة سرعان ما ستسقط في ثانية ، هي عمر إنتقال المعلومة عبر شبكة الإنترنت متى بحثت عن مكان الرقص حول النار ، لتظهر حقيقة ال(قبل)و (البعد)- و العودة لل(قبل).

حدث مثل خطاب الرئيس الأمريكي باراك حسين أوباما هو بالحجم و الأهمية التي لا نملك أمامها إلا التوقف و التدبر :
خطابه للعالم الأسلامي / والعربي ،وللترتيب معناه ههنا ، متخذا القاهرة منبرا لذلك الخطاب كان قمة في الدراسة و الترتيب ، فإختيار القاهرة ،و تحديدا جامعة القاهرة لم يأت إعتباطيا، ولم يأت من الرياض،ولذلك أسبابه في نظري،
فالقاهرة هي العاصمة الإسلامية - العربية الأثقل تاريخا وحجما وتأثيراوإقتصادا و الأغنى أيديولوجيا .أما الرياض فهي العاصمة الإسلامية لبلاد (منبع الإسلام) وتحديدا السنة النبوية المطهرة ،وفي ظل حالة التجاذب و الشد مابين كل من السنة و الشيعة ، ماكان ليصبح إختيار مدينة تقع ضمن خريطة أحد الطرفين المتجاذبين بتنافر أمرا صائبا ،لما من الممكن أن تحمله خطوة كتلك من إحتمالية إعتبار ذلك رسائل مبطنة ، و لذا يمكن أيضا تطبيق ذلك على إختياره لجامعة القاهرة و ليس الأزهرمع أن الرئيس جاء على ذكرها في معرض حديثه.

طرق أوباما بمنتهى الذكاء على وتر العاطفة لدى الشعوب العربية العاطفية الموغلة في الظواهر الصوتية ، مما دل على الحنكة السياسية و الوعي بالذات و الذات الأخرى، فبمجرد أن إستهل حديثه ب (السلام عليكم) أكسبه من التأييد ماكأنه قد حرر فلسطين، مما يدل على حالة الإنزواء و التوحد الذي وصلت إليه شعوبنا العربية في عالم مفتوح ، فكانت لتلك التحية تأثيرا قويا أنست الكثير منا المنطق و التاريخ و تجربتنا الطويلة مع الكثير من العبارات و الكلمات الرنانة، فكان أوباما أقرب ما يكون غاندي العرب.
ومع ذلك لاأنكر أنني شخصيا وقعت ضحية مثل تلك العبارات باديء الأمر.

ثم كان بعد أمر التحية أن إعترف تاريخيا بالدور الذي لعبه الآخر في وجوده ، و تلك أولى خطوات إحترام الآخر و هي الإعتراف بدوره ووجوده ،ذلك الدور الذي أرى أننا وليس الآخر في أحوج مانكون لئلا ننساه. كان ذلك الإعتراف خطوة لكسر الصورة النمطية عن الإسلام و المسلمين و التي يتبناها الكثيرون تحت مظلة الجهل أو الخوف من الآخر أو الحكم عليه بتصرفات فردية تناقض التاريخ و الواقع ، تلك التصرفات التي نتجت عن واقع موغل في الظلم و الديكتاتورية و الفساد و إنعدام أبسط مطاهر الكرامة و الحقوق الإنسانية ، وتقاعسنا عن الدفاع عن أبسط صور ثقافتنا الإسلامية المرنة المتفاعلة مع الآخر ، بل قد لجأت شريحة كبيرة من مثقفينا و عقلياتنا المفكرة للإنضمام لجوقة الكهنة لإسباغ الرضا الإلهي على أولي الأمر، أوالتقوقع في صدفة الأفضلية و الهداية و الصلاح عن الآخرو التعالي بالدين ليس فقط على الآخر بل أيضا من يجرؤ على الإختلاف و الطرح، فيقدح بالكفر و الفجور، و كأننا أولياء الله الصالحين.

إحترمت السيد باراك أوباما و إحترمت إيمانه بديناميكية (فيزياء) الحرية، الحرية التي تجعلني أرفض فكرة ما ولا أفقد إحترامي لصاحبها ، فالحرية التي دفعت إمرأة ما لإرتداء الحجاب تستحق من الإحترام والإعتراف القدر الكافي لتلك الحرية التي دفعت غيرها لرفض إرتداءه ، فرفضي للحجاب (الفكرة) منفصل عن فاعلها بدون أن أخسر إحترامي له.

بخصوص المسألة الفلسطينية:
1.الديموقراطية: يجب أن تحترم بغض النظر عن نتيجتها ، فالعملية الديموقراطية ، يجب أن تنفصل عن قبولنا أو رفضنا لنتيجتها ، فإن أتت بك قد تأتي بغيرك ، فهي باب لعالم السياسة ولكن للسياسة شروط و من هنا كان ربط إزالة صفة الإرهاب عن حماس متى إعترفت بإسرائيل دون نفي ديموقراطية العملية السياسية التي جاءت بحماس.
(و أنا هنا أود القول أن لكل ميدان معركته و لكل قائد ميدانه ، فمن إمتهن الحرب لن يمتهن السياسة ، و من إمتهن المقاومة بالسلاح لن يجيد مع السياسة حرفته بسلاحه).
2. بخصوص المقاربة شديدة الإجحاف و الظلم للتاريخ الفلسطيني مع الإنتداب ثم الإحتلال والمقاومة و التاريخ اليهودي مع النازية فلم أجد ردا أبلغ على ذلك من كلمات محمود درويش الخالدة:
(ليس من واجب اليهودي وحده ،ألا ينسى مذابح النازية . كل الناس الذين لم تمت ضمائرهم ، وكل أصدقاء الحرية يشاركون ضحايا النازية إحياء الذكرى وإستخلاص العبرة .وخاصة عندما يتكرر التشابه التاريخي بين النازية وبين حركات عنصرية في عالمنا اليوم .و مهما بلغت درجة العداء الإسرائيلي – العربي ، فليس من حق أي عربي أن يشعر بأن عدو عدوه صديقه ، لأن النازية عدوة كل الشعوب، هذا شيء، و لكن تمادي إسرائيل في تفريغ أحقادها بشعب آخر..هو شيء آخر. فالجريمة لاتعوض بالجريمة . وأن يطالب الفلسطينيون و سائر العرب بدفع ثمن جرائم لم يرتكبوها لايمكن أن يكون تعويضا عن الكارثة . إن الإسرائيلي يباهي الدنيا بأنه رائد اللجوء و الغربة في التاريخ ، حتى حول هذه الصفة إلى ميزة و إمتياز. ولكن من يملك حاسة اللجوء و الغربة أصبح عاجزا كل العجز عن إدراك هذه الحاسة لدى الآخرين. و ليس من القسوة أن تقول أن سلوك الإسرائيليين الصهاينة ضد شعب فلسطين الأصلي هو تطبيق متشابه للممارسة النازية مع اليهود أنفسهم. وليس من القسوة أيضا أن نقول أن سلوك الإسرائيليين و الحركة الصهيونية في علاقاتها الدولية يوحي بملاحظة أنها تتاجر بدم الضحايا اليهود. بالمال و العتاد اللذين تأخذهما ثمنا لضحايا النازية تقتل شعبا آخر. ومن هنا ، ليس من القسوة أيضا القول أن الطريقة التي تحيي بها إسرائيل ذكرى ضحايا النازية تتسم بالإبتزاز ، لأن الهدف السياسي من إشباع الإسرائيلي بحس الكارثة مكرس لإشباعه ، في الوقت ذاته ، بالحاجة للإنتقام لا من قاتله.. بل من ضحية أخرى هي الشعب الفلسطيني . إن الصهيوني الوقح لا يخجل من الإعتزاز بأن فقدان ستة ملايين يهودي –إذا صح الرقم- قد أعطاه وطنا.)

Saturday 6 June 2009

I Think....

i think heaven is purple.
i think heaven will be held in PALESTINE.
i think human pride might be fatal
i think (SHE) is the most wonderful,amazing and magnificent art piece ever.
i think loveless mariage is rape.
i think one life is not enough.
i think dancing is divine.
i think there is no ugly (SHE).
i think sipritualless life is a dead life.
i think human figure is amazing esp the (SHE) ones.
i think (SHE) is the most intelligent creature.
i think heavn is (SHE) and the hell is too.
i think i hate addiction
i think i love to be addicted.
i think primitivity is seducing.
i think the sea has its divine side.
i think i am more than what i am.
i think i am in a state of yening.
i think words are the least expressing thing.
i think i am a good dentist.
i think rain is a love ritual and sexually appealling.
i think mirrors are not always honest.
i think french is seducing.
i think i would love someone bcoz of his/her hands.
i think the sun makes us more beautiful.
i think black is the god of colors.
i think god is inside each one of us and in the thin string between us.
i think there is no 100% honesty.
i think the origin of human being was a (SHE).
i think holy books would be much smaller if they were not talking about us.
i think in a kiss only the frightened and the liar may open thier eyes.
i think our hands tell a lot about us.
i think the more i enjoy my self-company, the more i get honest with ppl.
i think the lion is not the king of the forest.
i think the Pegasus was real.
i think i would love God more if he was a (SHE).
i think the sight sense is the least important sense.
i think the smell is the crulest sense.
i think my mom is a beauty icon.
i think i enjoy being a (HE) in the kindom of (SHE).
i think if i love a (SHE) i will worship her,otherwise i won't be faithful.
i think there is someone else with me inside me.
i think materialism is a discirmenation of humanity.
i think music dramatize our grief.
i think i wont love my son as much as i love my brother.
i think i will leave a mark one day.
i think i would be so greedy if roses are used instead of money.
i think there is no (other) but me..(the other is the reflection of my actions).
i think i would like to be Gelgamesh.
i think sex is a divine action.
i think i would love the mythic time when gods and godesses were living together with humans.
i think the time machine is possible to be invented.
i think i adore SIDORI the godess of wine.
i think we all have an unspeakable secret,unreachable dream,and an unforgettable love.
i think when it comes to relations,(HE) is the idiot part.
i think i would like to start a single session conversation with a total (SHE) stranger.
i think death is the crossing line between two different lives.
i think HIJAB is a total descrimination against men and beauty.
i think Solomon was lucky talking to animals although it must be so annoying.
i think prison might be a good place.
i think god will creat no more fairouz.
i think fairouz will be singing in paradise.
i think that the most beautifull time in love is when we are ascending the stairs.

Fatal Identities


(deep inside, what are you ? Egyptian or Jordanian?)

such question exposes a very common and extremely fatal radical perspective, which assumes that each one of us has a (deep inside) IDENTITY, that is determined at birth once and for all and never changes, As if the rest of the human contentments, pursuit,conventions,experiences, sensitivity,personal preferences and his life will then be completely worthless.


At every age,there were a group of people who consider that there is a DOMINANT IDENTITY, which is superior to all other identities at every time and under every possible circumstances, which may be termed as (SOLE IDENTITY).
and this identity might be the motherland for some people,religion for others. a single look at every conflict during human history reveals that there is no dominant or superior identity.Whenever there is a threat to a group of people's faith, mother language,they would fight their brothers in religion, Turkish and Kurd are a fair example, so were the Hutu and the Tutsi,both are catholic with the same mother language..and the same mother land.

Its all about our own perspective that lock people -and us included- in their narrowest identities, and it also can send them free,-us also included-.

Being an EGYPTIAN is something i share with more than 75 million human being, in the mean while being JORDANIAN is something i also share with 5 millions but being JORDANIAN and EGYPTIAN at the same time is something i share with few thousands, maximum..and thats all without considering my PALESTINIAN origins.
So every identity i have connects me with large number of people, but the more identities i take in consideration the more my identity become unique and individual, with more intersections.

Also, the thing that may determine individual's belongation to a special group of people is the influence of the surrounding, and of the people around him whom may by paying effort for recruiting him under a specific identity/cause which mght become an essential part of a certain identity.
so, each one of us starts identity absorption early in life, the parents - intentionally or not - starts carving the identity and implanting the basic ideologies , rituals, faith , attitudes, previous judgements, despites and the belongation.

In most of cases we prefer to recognize ourselves through the most threatened identity we have , when we feel hopeless defending it ,we hide it and it remain hidden underneath waiting for revenge. When it become in focus or even criticized, its members stick together. and then the emphasizing froces of that identity becomes a holy mission that becomes out-standardized , heroic and legal no matter what means it's illustration was made through.
Then we are able to imagine how is any individual may be pushed to commit the worst crimes if he felt that his identity is being threatened only then no matter how much fundamental, radical and extreme what he is up to it will be legal , authorized and accepted . And the term "criminal" will be rejected under the umbrella of nobility.
As how far assuring identity is accepted remains vogue , then identities might become FATAL.

الوجه أول الإنسان


الوجه أول الإنسان...

الإنسان هو حضور الله على الأرض ليس الوحيد طبعا و لكنه الأعظم ،هو الحضور الأقوى بإبداعاته وإختياراته و حضاراته ، و فنونه..ولكن متى أخذت منه أولى عناصر ذلك الحضور فالأجدر بنا ألا ننتظر إبداعا ...ألا وهو الوجه ذلك العنصر الأول للإنسان.
فحضور الإنسان الأول في وجهه ، هو نافذته الأولى على العالم خارج ذلك العالم ، أو ذلك الكيان ، ال(أنا) ،فبمجرد قدومه لكوكب الأرض يقال (هو\هي يشبه...) و كلمة هو\هي هنا هي أولى مصادر الهوية المستقاة من الوجه ،المصدر الأكثر بدائية الأكثر قابلية للتوسع والإستيعاب، الوجه الذي رسم نصفه الأب و النصف الآخر الأم، كلاهما وضع نصفه فيه بكل ماحمله من تاريخ و فكر و إنتماء و هوية حتى الألوان..مما ينفي عنه أنه مجرد نتيجة فيزيولوجية لنداء هرموني حيواني.

وجه الإنسان هو كينونته الأولى ، هويته الأولى أن تحجبه بأي حجاب كان هو أن تحجب إختياراته و تعبيراته الأولى و الأخيرة، إنسان محتجب الوجه هو إنسان لا تعبير له ، لا هوية له..هو إنسان مغيب ..ولا أعني بالحجاب مجرد قطعة قماش مزركشة ،ولا الوجه خصلات شعر.

إذا كان مايميزنا عن بقية المخلوقات هو عقلنا و إنتاجاته و حضوره المميز، فلا يجب تحت أي مسمى من ضعف، غريزة شهوة أو أيا كان، إهانة ذلك العقل بما يمثله،لنرجع الإنسان لحالة ماقبل الإنسانية.

فالحجاب -في نظري- هو إهانة للرجل و للجمال و للإنسانية و للهوية و لحرية الإختيار..
فالرجل ليس كائنا شهوانيا تقوده غرائزه،إلا لما قدر لنا -كإنسانية تتكون من رجال شهوانيين و نساء مثيرات للشهوة - إنتاج كل ذلك الإنتاج الإنساني للجمال و الفنون و الأداب و العلوم و لما قدر لنا أن نخطو على القمر،فالإنسان ليس أداة كالحيوان المساق بأجديات الطبيعة المختلفة كالشهوة، ومع ذلك فلا أنفي عن الإنسان جانبه الحيواني -مع تسجيل إعتراضي على اللفظ- ،إلا أنه لا يجب تعريفه بأنه الجانب ذو السيطرة الأكبر، وهنا يأتي دور الجمال..فليست الشهوة هي معيار تحسس الجمال الوحيد، فلكل حاسة دورها و معيارها المستقل. وإلا كان الأحرى بالحور العين بما يمثلونه من قيم جمالية متعددة المقاييس أن يرتدوا الحجاب درءا للفتنة.
أوليس ذلك إنتقاصا من أعظم و أجمل ما خلق ربي وهو المرأة، -ذلك الذي دعاني لفصلها عن قائمة ضحايا الحجاب لتأتي وحيدة لرفعة قدرها-.

الوجه أول الإنسان، كيف حدث لدينا أن أصبح الوجه آخر المرأة؟....أدونيس

بلاد النهايات

أعلم أن الكثيرين سيختلفون معي في الرأي كالعادة،ولا أدري أهي عادتي أم عادتهم؟، ولا أكترث، بخصوص إحدى بلادنا العربية التي سميتها بلاد النهايات - إن كنت سأختلف مع نفسي في نهاية سطوري هذه-،حيث أكبر علم و أعلى سارية و أضخم مطار ،وأغلى سيارة،و..،و..
ألفاظ النهايات تلك لطالما إستفزتني، فهي في نظري غير منطقية ولا تدل على أي عنصر من عناصر الحياة، فإدعاء الوصول للنهاية لايعدو أن يكون كاذبا و مجحفا في حق أولى الخواص الإنسانية ألا وهي الخلق و الإبداع، فتلك النهاية الأكبر و الأضخم و الأغنى لاتعدو أن تكون غير موجودة خارج نطاق لحظتها كنهاية، سرعان مايجب أن تصبح بداية ، فالكبير يوما سيأتي الأكبر منه وكذا الأغنى و الأضخم.
أقدر و أحترم بصدق الإحساس بالإنتماء و الفخر في قلب كل مواطني بلاد النهايات وإحتفائهم بكل نهاية تضاف لسلسلة النهايات تلك،و لكني سأكون أسعد لوكان الإحتفاء ذاته بالبدايات،مما يسوقنا للتساؤل، بما أننا مجتمعات مستهلكة ،أوليس ذلك الذي بنى لنا تلك النهايات ،يقادر على أن يبني نهاية أخرى في مكان آخر؟؟
!.
لست أبدا من أنصار نظرية المؤامرة ، ولكنني أتسائل ماموقفنا من البداية و النهاية؟ و لم في بلادنا فقط تختل الثوابت؟
أليس رقصنا كما الهنود الحمر محتفلين حول تلك النهايات محدثين مجموعة من الأصوات ، هو أكبر إثبات أننا مجرد ظاهرة صوتية وصداها، في حين أن غيرنا قد إتخذ من نهاياتنا بداية له مستأثرا بالإبداع و الخلق و التجديد له وحده

أنا و ليلى الحلم

هي ليلى إبنة الثمانية عشر حلما، تجلس في ذلك الوقت المتأخر من الليل تتصفح جرائدها و مجلاتها في ضوء ذلك الشارع الرئيسي في سكونه الذي لا يمزقه بين الحين و الآخر سوى صرير إطارات سيارة .
تطالع وجوه النجوم و عناوين الأخبار بأبطالها و شخوصها وخطوطها العريضة، يباغتها ضوء سيارة تقترب منها، تراه من يكون، أتراه هو؟
يرحل ذلك الآتي من البعيد للبعيد بجريدة دفع ثمنها نظرة متفحصة،مجموعة من علامات الإستفهام و التعجب،إفتراضات سيئة، و جنيهان.
يرحل بصريره وضوءه، فتعود لمجلتها باحثة عنه ، لاتعلم عنوانه بين الأوراق و الصور...أين تراه يسكن؟في خبر عن النجمة الفلانية ؟ أم صورة إبن الوالي يطرز القوانين؟ أم في حظك اليوم؟لكن ليس الحوادث...
أم تراه يقود سيارته ، متجها إليها ، ليحملها على صفحات مجلاته و كتبه؟..
تأتي سيارة تلو أخرى، حلم تلو آخر، أمل تلو آخر ويرحلون...وهي لا تزال تقاوم.
" الله أكبر"...أذان الفجر يعلوليوقف رحلة بحثها عنه، فتطوي صفحة الحلم في جريدة الأمل،وترتب جرائدها و مجلاتها فوق بعضها البعض و تربطهم بحبال الصبر...
" سأذهب الآن للمدرسة،و سأعود باحثة عنك في ليلة أخرى.."

-"من أنت ؟و ماذا تفعل هنا؟"
باغتني صوته بقسوته وغلظته و جهله من خلفي..
- "أكتب عن ليلى."
-"أين هي؟"
-"في خيالي.."
-"أين أوراقكما الثبوتية؟"
-"هي حلم و أنا قلم"
-"في زمن الطواريء لاحلم لاقلم..إرحلا قبل أن أقبض عليكما بتهمة إرتكاب حلم فاضح في موت عام"
ألملم أوراقي وأقلامي .
.
.
.
أعذريني يا ليلى...تأخرت عليك..لاتنتظريني ، ربما لن آتي ،سأوفر حلمي لزمن آخر.
وإفترقنا
.

كائن حبري في عالم من ورق



تحيط به الكتب و الروايات من جميع الجهات ، ينظر مليا في أوجه رواد الماكن من حوله فيرى مايقرأونه على وجوههم كصفحة الماء ،كل في عالمه...
ترحل به الموسيقى في المكان إلى حيث تريد و يريد ، هو يعشق المكان هنا ، ذلك الجو المليء بالحكايا و الأحلام و الأفكار والتقاطعات و الخطوط و الآلام بحبرعلى ورق لأناس و كائنات حبرية تعيش في صفحات على أرفف..لقد أتى إلى هنا هربا من تروس حياة لاترحم ، جاء ليحيا حياة أخرى بين دفتي حياة على رف ، قلة من يحظون بفرصة ثانية ، فحياة واحدة لا تكفيه ، يبحث عن أرض جديدة ، فمن إبيضت كتبه إبيضت راياته..
أراه يقترب مني عيناه تجولان سريعا بين عناوين الكتب من حولي ، تتوقف عند بعضها وسرعان ماتكمل رحلتها ، أصابعه ترتحل مع عينيه ، ولكنه يتوقف عندي ، إصبعه يسحب روايتي من طرفها ، لاأعلم مالذي جذبه فيها ؟ أهو الغلاف؟ ذلك الغلاف الشديد البياض ، الذي بدون إسم لرواية أو لكاتب أو لدار نشر أو تاريخ إصدار أو حتى إهداء..لاأعلم.
حسنا هاهو يتصفحها تائها ، و لكن متى توقف في صفحة ما سأذهب إليه حاملا كل الحكايا و الأشخاص و المواقف و الكلمات و الصور لأرصها أمامه لأغريه أن يأخذ روايتي فيدخل هو حياتي أو أدخل أنا روايته.
أنا هنا أعيش حياتي صفحة صفحة لا يوما بيوم ، جميع من قابلتهم هم كائنات حبرية، مثلي، لهم ضرورتهم الدرامية في الرواية ، أكسبتني هذه الحياة الورقية ككائن حبري جمالية الحياة على الورق بكل مافيها من أحداث مؤلمة محزنة أو حتى مفرحة...فكل له قيمته على الورق ، فلولا جمالية الخيانة لما إزداد الوفاء جمالا، أيضا على الورق ، في عالم من حبر ، وقس على ذلك جميع الأضداد في الحياة.
صحيح أنني لاأعلم أين يريد أن ينتهي بي الراوي ، ولا خط سير رحلتي في الصفحات المتبقية ، و لابمن سألتقي بعد ، و لكنني أعلم أن فن الرواية له جاذبيته حتى لواختتم بموت البطل ، وإن كان الكائن الحبري كائن خالد ، هذا إن جاز لي أن أعتبر نفسي بطل هذه الرواية الغير مكتملة ، فقد أكون مجرد شخص عابر في حياتي التي أريد لها أن تكون مسرحا لبطولة غيري.
ألمح في عينيه تساؤلا عميقا رددت صفحاتي صداه..
- أين بقية الأحداث؟ لم كل هذه الصفحات البيضاء؟ أين بقية الرواية؟
- على مهلك الرواية لم تكتمل بعد...
- إذن كيف وضعوها على الرف وهي غير مكتملة بعد؟؟
- أخفض صوتك ، فأنا من وضعها هنا لأدخل حياتك و حياة غيرك فأكمل بها صفحات بيضاء أمامك و أمامي.
- وماذا عن العنوان؟
- ..........................

..............


نغرق سويا في لحظة يأس ، فتسقط تشبيهاتي و حكاياتي و كلماتي و صوري من يدي لتتناثر نقاطا من حبرعلى صفحتي ...و قميصه..
فيغلق الكتاب و يعيده إلى مكانه بين الكتب على الرف ، ويرحل ، فأعود أنا لنافذتي بين دفتي كتابي لأراه راحلا عني...

- خائف آخر

فيزياء الحرية


الحرية هي فعل ذو تجاهين من نقطتين على مستوى أفقي ، من كل نقطة يخرج خط مستقيم يمثل الإتجاه و المقدار نحو النقطة المقابلة،و لكي يكتمل تعريف الحرية يجب تساوي المقادير، إذن حريتي في إختياري - أنا النقطة ( أ ) - لفكرة ما و ما ينتج عنها من أفعال أو إختيارات ، يجب أن تتساوى في المقدارلحرية إختيار الآخر - نقطة ( ب ) - لرفض نفس الفكرة و ما ينتج عنها ، و ما بين الإختيار و الرفض يكمن الإعتراف ، يجب أن أعترف بكينونة الآخر لأعترف بإختياره المقابل، لذا لا يجب إختصار الآخر في إختياراته أو أفعاله أو أفكاره ، لأن حريتي لا تكتمل إلا بوجوده و حضوره الفاعل .

ما دعاني لكتابة هذه السطور ، هو حالة الشد و التطرف الي سادت عقليتنا ،و التي لا يمنعها علم أو ثقافة أو مستوى إجتماعي، والتي إختصرت الفرد في فكرة ما ، مما أسقط عنه تميزه الفردي و كينونته كإنسان هو نتاج لمجموعة غير منتهية من التجارب و الأفكار و المشاعر و الإختيارات و العلاقات ،فأصبح بكل ما يحمله لنا مجرد فكرة إما الإعتراف بها أو إنكارها ، أي الإعتراف به أو إنكاره .
(الأشياء تخرج من أضدادها ، لوجود الشيء يجب وجود الضد) هكذا قال نيتشه، لذا لأعترف بحريتي يجب أن أحترم حرية الآخروأن أعترف بها و إن كنت لا أوافقه على فكرته أو إختياراته.
أوليس هذا المنطق (الرفض) مسوغا للعنف الديني و الفكري و السياسي و الإنساني تحت مسميات واهية من دين و قومية و هوية و..إلخ، تحت قبة الحرية، و التي هي أولى مظاهر الإنسانية ، و التي بسببها خرج آدم و حواء من جنة عدن عندما إختاروا أكل التفاحة؟!! برغم أنها كانت محرمة تحت مسمى الدين؟؟ و بسبب الحرية أيضا كانت الجنة و النار؟!!
فالعنف هو عدو الحرية الأول ، لأنه يهيء لأصحابه إحساسا زائفا بالأمان و الإنتصار ، سرعان مايتحول وهما لأن الأفكار لاتموت أما الأفراد فبلى ، ليصبحوا أخيرا كدون كيخوت يصارعون طواحين الهواء..وحدهم.
وفي النهاية الفضاء الفاعل للإنسانية هو الفرد ، و الحرية ، و الفكرة.
وأضعف أطراف هذا الفضاء هوالفرد
.

Space,Time and Deity by Abdullah Nimer

Enough ink has been spilled in quarreling over this topic as its human being's deepest experience throughout his life and that debate won't reach an end as long as the humanity is obliged to perform its greatest task ever, which is thinking.

When the early first human being was created OR resulted from any naturally selected evolutionary process, he discovered his only two unique qualities, which distinguished him over the rest of the creatures surrounding him.
These qualities were the heart and mind in other words; the knowledge and the sensation, but this uniqueness is not absolute, it happened that inferior creatures have had the same qualities but on a narrower scale which may be described as (LESS DYNAMIC).
Every inferior creature has what so called (SOLID KNOWLEDGE) in other words (INSTINCT). Which is a fixed knowledge and it is applicable from day one having the same vocabulary. Let's take the ANT for example, it is created with the same knowledge of how to build colonies, how to arrange societies and organize tasks from day one, and nothing will change or expand that knowledge, that’s why it is solid.
Only nature may adapt that knowledge without adding any new vocabulary or means.
(There is a very big difference between adaptation and change)

And when these creatures fear the higher ones, they admit its presence, which is a sort of recognition of that higher on a physical scale, therefore that higher should be termed as the stronger according to that scale.
So, these creatures used their SOLID KNOWLEDGE to recognize the higher by their only means of recognition.

Concerning the human being, which is still solitude on earth, he starts his knowledge from point zero, he does not know how to use his own body, he can not talk or walk unless he is taught. so, human knowledge is SPATIAL, A FREE DYNAMIC SPATIAL KNOWLEDGE that will always undergo a changing, expanding and upgrading process taking advantage of experience and trials leading to conclusion that may turn into facts. so the human is moving in his life in two parallel lines:
1. MIND: KNOWLEDGE.
2. HEART: SENSATION.

KNOWLEDGE is a linear momentum, it moves in dimensions. Clues, proofs experience and logic. It is motivated by SUSPICION (QUESTIONING) which will always and for ever be the first motive and the most primitive humanly need.
In the meanwhile SENSATION is all about feeling it does not require clues, proofs, evidences or logic. It is a point (note that knowledge has a linear aspect while sensation is a point).

When it comes to human recognition of the higher power (which might be termed as higher power, entity or being) it is essential to come in recognition of that being according to his two qualities and as it was mentioned before the sensation requires no evidence as it is not a linear momentum unlike the knowledge which requires a group of evidences and clues to generate a linear momentum that will lead to a fact declares the recognition of that higher entity.
But that solitude human being did not reach that type of evidences and clues so he reached the fact that according to his uniqueness, he is that greater being on earth.

(2)………………
When that human being started to reproduce resulting in groups which are made of many HIGHER INDIVIDUALS (human beings), a new term was created (SOCIETY). And new terms were created, these were (GOOD) and (EVIL) which were a result from true and false and the experiments (trials) of human (DYNAMIC KNOWLEDGE).
SO, GOOD AND EVIL WERE CREATED WITH THE SOCIETY NOT WITH THE INDIVIDUAL.

And after the birth of the idea of (THE SOCIETY). That higher being (human) was in need to defend his own highness against other higher(s), and instead of using his own qualities to high his inner highness he condensed the discrimination towards the other higher(s) recruiting all possible powers for such goal, manifested throughout history in wars and invasions, which resulted in gaping downward the difference between him and the other and that gave him a false sense of superiority.
And at that point the human being was in real need to admit and recognize the higher power, entity or being in order to improve his highness for the good of his specie, or else why would be such need for such improvement as long as he is the highest.
And then the need for deity (higher entity, power or being) was recognized.

(3)……………………
In times of fear, oppression, war and invasion the human being was in need for a refugee from his fellow brother, the HUMAN other than hatred , so he searched for such in higher entity and higher being. A being with a great power, authority and un limited capabilities, but when he searched for such thing he used his own VOCABULARY OF HIS MIND which was the imagination and that gave him the Gods and the Goddesses in a very similar looking of the human being the same figure. And these gods and goddesses were in societies, which took the idea of the SOCIETY and the emerge of GOOD and EVIL from TRUE and FALSENESS. Which torn that idea down and made it precious only in historical literature and epic as in the Iliad and the Odyssey by Homer.

After that the human beings realized that to overcome that obstacle it is necessary to use other facilities such as history, environment, culture, costumes and the historical heritage. And that era resulted in the date idles for example in the Arabian peninsula, and the concrete ones of the Abraham's people and a lot more proving examples along the human history like those who assembles vipers, elephants, tigers and the sun.
But all these were illogical to the most important and arrogant quality of the human being (the high creature not the higher) and that was the mind.
So when Abraham destroyed his people's idles and place his axe in the biggest one of them, and they asked him: (you did that?!!) he answered: (It was not me, it was the biggest one of them.) pointing at the idles. And that date idle was eaten in a second By that he broke the recognition of these higher entities using the same quality that recognized them which was the knowledge (note that we are subsiding the other quality which is heart/sensation).

(4)……………………….
Previously, denying deity/theism approved to be a destructive manner of thinking, and multithiesm approved to be unreliable and illogical and according to such conclusions a call for the idea of monotheism appeared. And that what was all divine faiths were all about, a great entity, with unlimited power and authority and in an undescripable shape, look, beingness or description.
……………………………………………………

(5)…………………
CONCLUSIONS:
1. THE TWO UNIQUE QUALITIES OF HUMAN BEING THAT DISTINGUISH HIM OVER OTHER CREATURES ARE MIND:KNOWLEDGE AND HEART:SENSATION.

2. THE HUMAN EXPIERENCE IS MOVING IN TWO PARALLEL LINES GENERATING FROM THE PREVIOUS QUALITIES, EACH HAS ITS UNIQUE SPATIAL CRITERIA.

3. THE PRESENCE OF THE HIGHER BEING OR ENTITY IS NOT ESSENTIAL FOR ITS OWN PRESENCE BUT FOR SELF-EMPROVEMENT MOTIVATION OF HUMAN BEING'S FACILITIES, AND TO BALANCE THE UNEQUAL DOMINANCE OF THE MATERIALISTIC ASPECT OF LIFE, WHICH IS DEEPLY IMPORTANT TO BALANCE HUMAN'S MENTAL HEALTH, AND IMPROVE THE RESIELENCE OF ITS BOUNDARIES BY INCREASING THE SPACE OF SPIRITUALITY IN A METAPHYSICAL WAY.

Space,Time and Deity (arabic).

منذ اليوم الأول للإنسان على الأرض سواءا كان مخلوقا أو تطورا لأحد الأجناس الأقل ، أيقن تفرده بالقلب و العقل ليس بالمنطق العضوي ، ولكن كان تميزه بنتاج تواجد هاذين العضوين وهما المعرفة و الإحساس، و لكن ذلك التميز لم يكن بالإطلاق، فالكائنات الأقل تتمتع بنفس تلك القدرات و لكن بنتاجية أقل و ديناميكية أقل.
فجميع الكائنات الحية الأدنى منه تملك المعرفة المتحجرة ، فهي تتوالد و تموت بنفس قدر المعلوماتية ، فالنمل مثلا يولد وهو يعرف تمام المعرفة كيف يبني بيته و ينظم مستعمراته و يخزن لشتاءه وكذلك النحل الذي لم يعلمه أحد هندسة بناء خلاياه ويموت بنفس المعرفة الثابتة و المتحجرة (أما التغيير الوحيد المحتمل الحدوث هو التكيف ولكنه لايعتبر تغيرا لأنه لايضيف مفردات معرفية جديدة) ، أما الإنسان فيولد لايعرف حتى كيفية إستخدام أعضاؤه لذا فالإنسان يبدأ المعرفة من الصفر حتى اللانهاية. فتنمو تلك المعرفة بالتجربة و الإكتشاف و التعلم ، فهي إذن معرفة (حرة) أي ديناميكية .

عندما وجد الإنسان في الطبيعة باديء الأمر وحيدا، و بما أوتي من حرية المعرفة و الإحساس و القدرة على التعلم و التجربة أصبح يتحرك على خطين متوازيين :


1.العقل: المعرفة. 2.القلب : الإحساس. فالمعرفة تقترن بالأدلة و البراهين و المنطق ، محركها الأول و الأخير على الدوام كان و سيظل ( الشك ) ، إذن فهي -المعرفة- لها أبعاد ناتجة عن الشك ثم الملاحظة فالتجربة التي تنتهي بالصواب و الخطأ أي أن المعرفة تتحرك منه –الشك- وصولا للحقيقة أو المسلمة . بينما الإحساس ماهو إلا نقطة في الفراغ لا أبعاد لها هي مبنية على الميتافيزيقا التي لابراهين ولا أدلة عليها هي فقط إحساس، لا يتحرك ضمن أبعاد.

إعتراف الكائنات الحية بوجود الأرقى منها مبني على أكثر القدرات الطبيعية بدائية وهي الإحساس المادي ، الذي هو أول المفردات لتلك المعرفة المتحجرة، مما نتج عنه خوف من ذلك الأرقى (الأقوى) كأبسط إعتراف بوجده ، دون إشتراط الإحتكاك المباشر كشرط للإعتراف بوجوده.
أما بالنسبة للإنسان ، صاحب المعرفة و الإحساس الحر الديناميكي ، فإستيعاب ذلك الأرقى يجب أن يتم بناءا على تلك الخطوط المتوازية و المحركة للتجربة الإنسانية ، ألا و هما المعرفة و الإحساس ، و لكن ونظرا لأن العقل (المعرفة) لايخاطب سوى بالمنطق و الأدلة و البراهين و المادة لذا فقد أنكر ذلك الوجود أو الكينونة الأرقى ، وبناءا على ذلك كانت فكرة تفرد الإنسان بالرقي ، مما وصل به لمرحلة إنكار ذلك الأرقى .

(2).......................
............

ولكن عندما تناسل الإنسان و أصبح يقاسم الأرض مع إنسان لآخر (رآق آخر) ولدت فكرة المجتمع ، وإنبثق الخير و الشر بملاحظة الخطأ و الصواب ، فأصبح الخير و الشر وليدا المجتمع و ليس الإنسان . و بإنبثاق فكرة المجتمع ظهرت الحاجة الإنسانية البدائية لفرض السيطرة تحت شهوة التفرد بالسلطة و القوة و الرقي (على بقية الكائنات الراقية في نفس المجتمع) مسخرة لهذا السبب كل الطاقات و المعارف الممكنة و المتاحة متخطية حدود الخطأ و الصواب و الخير و الشر في صورة أكثر ديناميكية من النداء الغرائزي الطبيعي لدى قطعان الحيوانات و الكائنات الأدنى لسيطرة أقوى الذكور، فكانت الحروب البدائية (بداعي البحث عن المرعى و المشرب مثلا لدى المجتمعات البدوية) ، و ما نتج عن ذلك من إحساس كاذب بالرقي عن طريق الإنتقاص من رقي الآخر و ليس الإرتقاء بالذات. لذا فقد كان الأجدر بالإنسان الإعتراف بوجود كينونة مطلقة الرقي و القوة ، ليكن ذلك دافعا للإرتقاء الفردي ثم الإنساني و الإستفادة الكاملة من التميز الإنساني بدلا من توظيف ذلك لكسر قاعدة الخير و الشر، فإذا كان الإنسان هو الكائن الأرقى على الإطلاق فما الحاجة للرقي؟!.

(3)................................
وهنا كانت الحاجة –الإضطرار- للإعتراف بكينونة أرقى و أقوى ، و لكن الفكر الإنساني حديث العهد بالتميز و الرقي لم يتمكن من التنازل بالكامل عن الزهو الإنساني ، لذا كان التصور الإنساني للكيان الأقوى و الأرقى على شاكلة البشر فكان أطلس و زيوس وأثينا و هيرمس وفينوس والعديد العديد ، فما كان من تعدد الألهة و مطابقتهم للشكل الإنساني سوى نقل فكرة المجتمع الإنساني الباحث عن الرقي إلى فكرة مجتمع الإلهي الراقي صاحب القوى الخارقة و الطاقات اللا محدودة، الخارج عن قاعدة الخير و الشر كمجتمع البشر، فكانت الخلافات بين الآلهة الأرقى في مجتمعهم هي صورة مطابقة لتلك التي في المجتمع الإنساني الباحث عن الرقي.
و لكن هذه الفكرة سرعان ما تداعت وذلك بسبب:



1.وضع الكيان الأرقى و الأقوى في قالب إنساني بشري (جسدا) يما يحمله من نداءات و طبيعة و شكل و تعابير إنسانية. 2.خلق(نسخ) لصورة المجتمع البشري و لكن بهيئة أكثر رقيا بآليات إستجابة إنسانية إستخدمت الخير و الشربنفس المنطق الإنساني و لكن بقوى و قدرات خارقة. فأصبحت تلك الصورة مجرد ملاحم أدبية تثري الإرث الحضاري للبشرية فنيا و أدبيا و ثقافيا كملحمتي هوميروس العظيمتين الإلياذة و الأوديسا و ملحمة جلجامش في الحضارة السومرية.

(4)......................................
فما كان من الإنسان و بعد ذلك ومع تطور الفكر الإنساني و البعد التخيلي بعيدا عن الأدلة المادية و البراهين و المنطق وديناميكية المعرفة و ثبوت الإحساس إلا اللجوء لصورة مغايرة للكيان الأرقى ، فسخر المحيط و الثقافة و الإرث التاريخي و العادات و الخيال لخلق خالق له (الأرقى؟؟!!). فكان تصوير الآلهة في الجزيرة العربية كأصنام من تمر ،وفي هيئة نمور و أسود و أفيال وثعابين في الهند و آسيا ، والشمس في المكسيك و أمريكا الجنوبية، و لكن لأنها جميعا كانت تخالف المنطق المادي البسيط لدى الكائنات الحية جميعا –ذو المعرفة المتحجرة و الحرة منها معا- فلم تلبث هي أيضا أن فقدت أهليتها ، حين أجاب العقل على إدعاء سيدنا إبراهيم حينما قال (فعلها كبيرهم؟) ، بعد أن حطم الأصنام ووضع الفأس في يد أكبرهم : مستحيل.
و أكل صنم التمر في لحظة جوع.


(5)................................
من بحثي السابق أستنتج مايلي:



1.ما يميز الإنسان عن بقية المخلوقات قاطبة هو العقل : المعرفة و القلب : الإحساس ، و لكن ذلك التميز ليس بالإطلاق . 2. التجربة الإنسانية تسير على محوريين متوازيين هما نتاج الخواص المميزة للإنسان لكل منهما أبعاده و خواصه. 3. الإعتراف بوجود الأرقى ليس مهما لوجوده في حد ذاته بقدر أهميته لتحفيز الإحساس بالرقي و النهوض بالإنسان و الإنسانية وخلق إتزان مابين المعرفة و الإحساس و السيطرة على الجانب المادي من الإنسانية ،لزيادة الحس و العقل الجمالي و الصحة النفسية وذلك بفرض و جود الأرقى دوما في جميع المناحي ليظل الإنسان دوما باحثا عن الكمال. 4.لايمكن توصيف أو تأطير ذلك الكيان و الأرقى بأي خواص لها منطق إنساني محسوس أو معروف وكذلك فهو واحد لايتعدد فلا يمكن تجميعه (لا يمكن تطبيق فكرة المجتمع عليه) بإسقاطات الخير و الشر مما يصل بنا للإله الواحد..

نور و نار و طين



الشيطان ، هو أول و أكبر وأهم رموز الشر عبر التاريخ الإنساني كاملا ، بل هو الأوحد وإن إختلفت صوره و أشكاله بإجتهادات الخيال الإنساني وكذا صورته جميع الأديان قاطبة . هو عنصر دخيل على الطبيعة البشرية ، هكذا قالت لنا الإنسانية بآدابها و فنونها وأديانها و تاريخها و حضاراتها.
وإن كان لي رأي مخالف في تحميل الشيطان جميع الشرور التي إرتكبها الإنسان أو تحديدا إختار إرتكابها وأوجد لها المبررات ، و إلا فلما لا يوجد ما يوازي الوجود الشيطاني ، فلا يوجد (فلان) الملاك الداعي للخير ليعادل الكفة؟
فإبليس لم يخرق الإرادة الإلهية حينما رفض السجود لآدم ، وذلك لأنه من غير الممكن عمليا معصية الله وإلا سقط في هوة المستحيل، لما في ذلك من مخالفة واضحة و صريحة لأحد أهم و أبرز الصفات الإلهية وهي القدرة اللامحدودة ، بلفظ آخر قدرة ال(كن فيكون) ، مما ينتهي بنا لأحد فرضين ، إما أن للشيطان القدرة على المعصية أو الرفض هنا ، أو أن الله لا يملك القدرة على ال(كن فيكون).
إذن فرفض إبليس للسجود لم يأت في نطاق تعريفنا الإنساني الأحادي البعد للمعصية ، بل جاء في نطاق الإختلاف ، كما يأتي الشمال "مخالفا" للجنوب ، و الشرق "مخالفا " للغرب ، ذلك الإحتلاف (المعصية) لتوضيح الطبيعة و ليس إمكانية الفعل ، كما قال نيتشيه : ( المعاني "الأشياء" تخرج من أضدادها) ، و كذلك قالت الطبيعة.

( حاجتنا لوصف رفض الأمر بالإختلاف لا ينزع عنه صفة العصيان و لكن حاجتنا لوصفه بالإختلاف كانت أقوى من المعصية لتوضيح الطبيعة وفكرة الحرية ، بمعنى أنه –ولنأخذ الإتجاهات مثالا للتوضيح – إذا إتجه أحدنا شرقا فإنني أعصيه إذا إتجهت شمالا أو جنوبا ، ولكنني إذا إتجهت غربا فإ نني أوضح إتجاهه بإلتقائي به في النهاية ، فنحن على نفس الخط –الفكرة-.)

إذن مخالفة إبليس للأمر الإلهي لم تخرج عن تلك المعرفة الإلهية بطبيعة المخلوقات ، وذلك يسوقنا للتساؤل عن تلك الطبيعة وأهميتها ، مم خلق إبليس؟ من نار ،ومن طبيعة النار أنها تتغذى على ما حولها من أشياء و أشخاص ، ولاتكتفي ولن تكتفي ، فبقاؤها يعتمد على ذلك ، فإن لم تجد ماتتقد به ، خبت و إنطفأت ، أي أن مخالفة إبليس هنا كانت مسألة بقاء و حماية للنوع و لطبيعة ذلك النوع ، وتلك الخاصية لم تخرج عن العلم الإلهي بطبيعة المخلوقات لذا كان الإختلاف هو التوصيف الأدق لا المعصية.
أما الملائكة فهي من نور ، و النور يتحرك في خطوط مستقيمة ، لايحيد كيفما شاء وكيفما إختار، لذا كانت الملائكة مجبولة على الطاعة ، طبيعتهم لاتعرف غيرها ، لا يملكون من أمر حريتهم شيئا غير في طاعة الله .
أما إبليس فملك حرية الإختيار ضمن حدود طبيعته النارية ، وكما كان للجن من إختار أن يؤمن ومن إختار أن يكفر ، إختار إبليس ألا يسجد لآدم بل و أن يغوي بني جنسه (قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين ) آية 83 سورة ص، و قد تكررت نفس الفكرة في آيات وموضع مختلفة في التوراة و الإنجيل ، لست في معرض ذكرها هنا.
ومن هنا تنبع أهمية إستعراض الطبيعة النارية و النورية أمام الإنسان ذو الطبيعة الطينية ، ليتطبع بأيهما، ولكن ذلك لايرفع عن الإنسان ولو جزءا بسيطا من مسؤولية الإختيار بتحميله للشيطان الشاطر (!!!). فالإنسان الذي خلق من طين كانت له هو أيضا طبيعته المميزة ، فللطين قابلية التشكل ، كذا الإنسان ، الذي يتشكل بقوى الخير و الشر ، والتي يأتيها بفعل كامل الحرية ضمن المعرفة الإلهية بطبيعة الطين ، و هنا ينتفي دور الشيطان الذي لم يؤثر على حرية إتيان الفعل ولا على الفعل نفسه ، فالشر ثابت بوجود الشيطان أو عدمه .
بمقارنة تلك الطبائع المختلفة (النور و النار و الطين) نجد أن للإنسان الحرية الكاملة التي تميز بها على الملائكة فلا نحن نسير في خطوط مستقيمة لا تحيد ولاتملك حتى حرية الحياد ، وعلى الشياطين فلا تحركنا حريتنا بطبيعة الحرق و التدمير .

الهوية و الوطن

الخلط مابين الهوية و الوطن يسقط كثيرا في توصيف واحد متبادل ما بين الإثنين، لست هنا في معرض الحديث عن ذلك الخلط بقدر ما أنا هنا للخوض في المعنى الخاص لكل من القيمتين الحيويتين معا و كل على حدى.

ما الوطن؟ ، تجيب الذاكرة هو أرض نشأت تحت سمائها ، شربت من مائها ، أكلت من خيراتها، ضحكت طفلا فيها، ويجيب التاريخ الوطن أرض شربت دماء جدك قبل عرقه، في جسدها غرست شجرة عائلتك جذورها الأولى ، و يقول الواقع بقسوته وطنك حيث أنت ، وتقول الحاجة الإنسانية البدائية الأولى وطنك حيث عيشك الكريم وحقوقك الإنسانية المحفوظة.و كل تلك الإجابات مجتمعة في آن تتخطى حدود الوطن ، و منفردة لاتعطي الوطن أبسط حقوقه و تعريفه/ تعاريفه. وفي حضرة هؤلاء الشهود أسأل نفسي ، لأجيب وطني هو الجدلية القائمة دوما مابين البيت و الطريق ، تلك الجدلية التي تحيا و تزداد في ظل هوية ديناميكية تزداد تميزا و إتساعا (لأنا و الآخر) على نفس الطريق لنفس البيت.
ماكانت يوما الهوية هي الوطن وما كان الوطن هو الهوية، فهويتي تتسع لأكثر من وطن ووطني يتسع لأكثر من هوية ، فجيفارا حرر أوطانا كثيرة بهوية واحدة إتسعت لأكثر من وطن فكانت تلك أوطان لهوية واحدة .
محمود درويش :( من أبسط الأمور أن تقول وطني حيث ولدت . وقد عدت غلى مكان ولادتك و لم تجد شيئا. فماذا يعني ذلك ومن أبسط الأمور أن تقول أيضا: وطني حيث أموت ، و لكنك قد تموت في أي مكان ، وقد تموت على حدود مكانين . فماذا يعني ذلك؟). ، هنا أضيف:( مابين وطن الولادة ووطن الموت ...سيصبح السؤال أصعب و ستصبح الهوية أكبروكذلك الوطن).
محمود درويش: ( لا تنفي الهوية الهوية ، إن مايربك الهوية ويوترها هو إشتراط تشكلها بنفي هوية الآخر ، فإلى متى يجري البحث عن الطبيعي فيما هو خارجه) ، وهنا أضيف: ( أين حدود الطبيعي بالنسبة لنا).
البعض لا يرى ( الهوية/الوطن) سوى في نرجسية التحديق للوطن/ الهوية الأحادية في المرآة ، لتصبح حينها المعادلة : (أنا لا الآخر) وليست ( أنا و الآخر) وفي ذلك مخالفة لأبسط قواعد و أساسيات الوجود ، و هي الأضداد ، فمن الآخر كانت الأنا ، كما من الليل كان النهار ، فالأضداد هي أصل الوجود دوما ، مما يكسر قاعدة الطبيعي لدينا .
فحدود أي وطن يجب أن تتسع في أبسط تعاريفها لانا و الآخر ، لضمان حرية التفاعل داخل الوطن (الفعل و المفعول له) ، وديناميكية الهوية البنائة ،التي لا تلغي الآخرلما يقود ذلك من حصار لحصار ، و يدفن الفكرة حبيسة الحاجة الملحة للبقاء بالخبز و المأوى و العلَم و الشرطة.
إذا كانت البلاد خطوطا و ألوان على خريطة فإن الوطن إنتماء و الإنتماء جزء من الهوية ، الهوية ذلك الباب الذي لم و لن ينتهي البحث فيه ،فهي المجمع الشامل لجميع مناحي التاريخ و التجربة الإنسانية ، فالهوية كما ذكرت سابقا *(1) قابلة للإتساع و الإستيعاب فبزيادة كل عنصر لهويتي كلما إزددت خصوصية ، ولكن متى إعتبرت تلك العناصر تمثيل لسيطرة الأقوى – و إن كان الدين- فذلك يعني الضمور.
فالإنسان لايتميز عن بقية الكائنات بأنه مجرد كائن ناطق ، إنما يتميز جوهريا بكونه إمكانا يتحول بإستمرار ، ويتخطى نفسه و كينونته ، لذا فهويته أمامه تتكون و تتكامل بإستمراره.
محمود درويش: ( الصراع مع الهوية يعبر عن أقصى درجات الحرية و الإنتماء ، حيث يصبح في مقدور الثقافة أن تحاكم ذاتها ، و تنشط أسئلتها التي تمس بعض محرمات مجتمعها ، كأن يتعرض الوطن نفسه للسخرية ، عندما يتحرر هو و السخرية معا من حالة الطواريء).
وأعقب أنا هنا: (التفاعل و ليس الصراع سيحررنا من زمن السخرية و الطواريء.).