Monday 25 January 2010

القوة و المعرفة : العولمة (4): الثقافة و الهوية


تستند العولمة لدى الحديث عن الجانب الثقافي منها – وهو الأهم حضاريا- على ما يسمى بالثقافة العالمية ، والتي ساعد ومهد لها مجتمع الإنترنت ووسائل الإتصالات الحديثة تاني جعلت من هذا العالم قرية بالغة الصغر، وما يحدث في غربها يعلمه من في شرقها لحظة حدوثة ، بل أن ذلك المجتمع مهد لمن يريد أن يبحث عن التفاصيل المتعلقة بأي شخص أي يبحث عنه في محركات بحث أو في مواقع إجتماعية أخرى.
وعموما لدى الحديث عن الثقافة و الهوية ، وإسقاطات العولمة عليهما توجب علينا أن نضع نقطة بداية وهي التعريف :
فالثقافة كما عرفها الدكتور محمد عابد الجابري هي ذلك المركب المتجانس من الذكريات و الصور والقيم و الرموز والتعبيرات و الإبداعات الناتجة عن التعامل مع الطبيعة ومع المجتمع الإنساني .
وأضيف أنا ههنا للتعريف أعلاه أن ذلك المركب أو النتاج هو الذي يحتفظ لجماعة بشرية بجزء كبير من هويتها الحضارية ، المؤكدة لحضورها التاريخي وذلك في إطار ما تشهده من ديناميكية أولا داخلية بين الأنا و الذات وثانيا وبالتوازي ديناميكية خارجية بين الأنا و الآخر .

لذا فمن المنطقي أن نجد في النهاية أنه كما أن للثقافة ألف تعريف و تعريف إلا أنها جميعا تتفق في :

1. في الثقافة ماهو خاص وماهو مشترك إنسانيا.
2. في الثقافة ماهو ثابت وماهو متغير.
3. للثقافة علاقة هوية وكينونة باللغة.
4. الثقافة قابلة للطرق و السحب إن صح التعبير.
5. الثقافة هي التعبير الأمثل عن النظرة المجتمعية للعالم و الكون لأمة ما بعينها في الزمان و المكان المحددين ، وتلك النظرة غير ثابتة.

أما الهوية فهي ليست كلا من ثقافة ، جنسية، أرض ، تاريخ ، جغرافيا ، لغة ، دين ، عرق ، طائفة ، إثنية ، أو أيا كان ، بل هي حالة من التماهي بكل هؤلاء في آن ، وليس إحتواءا ، لأن الإحتواء يستلزم بوجه أو بآخر إحدى صور الثبات في حين أن الهوية هي مماهاة ديناميكية بالتراكم لا تعود لنقطة الصفر ابدا .
وهذا مايغفل عنه الكثيرون أن الهوية متى إنغلقت أو ثبتت على عنصر واحد فقط اصبحت مدمرة لذاتها وللآخر ، فيما يفسر لنا الكثير من الأحداث التاريخية ، وسأعود لتلك النقطة في مقال لاحق.

ومن هنا يمكننا القول أن الثقافة و الهوية لا يكتملان ولا يتكونان بعيدا عن فكرة المجتمع الإنساني أي بعيدا عن الآخر ، لذا و بالرجوع للخواص المذكورة للثقافة ، يمكننا القول أن لذلك الآخر دوره في :

1.الإنطلاق من نقاط الإشتراك للإختلاف و التمايز بين الهويات ثقافيا ومنها حضاريا / إي إحداث تغيرات ثقافية إنطلاقا من الثبات للتغير.
2. إحداث حركة تطوير لغوية عن تطريق توسيع أبجديات التواصل وأصواتها ، فاللغة كما ذهب جان جاك روسو في مقالته: مبحث في أصل اللغات تتطور مع تطور الحضارات ، وهذا مايفسر إرتباط سطوة لغة ما بسطوة حضارتها والعكس كذلك.
3.إعادة تشكيل الثقافة والنمو بها طرقا وسحبا كنتاج طبيعي عن التفاعل مع الآخر في المجتمع و التفاعل مع الكون.
4. تغيير النظرة المجتمعية للعالم و الكون ، بمنحى لا يعرف الثبات.

ومن هنا نجد أن هويتنا الثقافية تتشكل وتنمو بقدر تفاعلنا مع ذواتنا ومع الآخر في ديناميكية علاقة لا تنتهي هي : الأنا و الذات و الأنا و الآخر.

لذا وجب علينا التوقف لدى المنتج الثقافي الذي نتعاطاه مع الآخر من حيث الكيف و الكم وأسلوب التواصل كاللغة و الخطاب ومساحة التواصل من إرسال و إستقبال ، كل ذلك مع موازنتنا معرفيا بين الإنفتاح الثقافي على الآخر وثقافته ومدى إحتوائنا لثقافتنا و إرثنا وذاتنا التاريخية وخصوصيتنا الحضارية بعيدا عن الإنغلاق عليها ـ تحت أي دعوة أو تلاعب لفظي يصل إلى تسميتها بالمرجعية المقدسة .
كما يجب علينا التنبه إلى الفرق الخادع مابين لفظ (العولمة) الثقافية حضاريا كعملية إقتصادية الطابع تقتحم الخصوصيات الثقافية و الحضارية لتحتويها وتحولها لمنتج ثقافي إستهلاكي بقاؤه على الساحة الحضارية مرهون بنسب المشاهدة المرتفعة والدخل الناتج ونسبة الإعلانات التجارية .
ولفظ حضاري آخر هو : (العالمية) الثقافية التي لا تقتحم خصوصيات الثقافات وتنتطلق من قاعدة التشابه ، وتعرضها كما غيرها على مستوى أفقي بعيدا عن ثقافة ال
Best seller
عرضا يقدم الثقافة الأخرى كجزء من خصوصية هوية الآخر ، الآخر المسهم في علاقة : الأنا و الآخر.

ولأننا نحيا في عصر المعرفة السريعة بإمتياز ، عصر المعلومة الأثيرية ، وجب علينا التوقف لدى قنوات التواصل والتي يجب ألا نغفل التالي لدى تناولها:

1. هناك ما يقارب ال 2000 قمر صناعي يدور حول كوكب الأرض للقارة الأمريكية الشمالية منهم نصيب الأسد.
2. في العالم يوجد أربع وكالات عالمية للأخبار عبرها ينتقل الخبر:
- الأسوشيتيد برس الأمريكية
Associated Press.
- يونايتد برس الأمريكية.
United Press.
- وكالة رويتيرز البريطانية.
Reuters.
- فرانس برس الفرنسية
France Press

وبقراءة بسيطة لعالم الإنترنت ومحركات البحث فيه أمكننا معرفة تلك القنوات التي تصل من خلالها المعلومة إلينا ، ناهيك طبعا عن أن جميع المجتمعات المعرفية الإجتماعية المعروفة في عالم الإنترنت تقع على نفس الشاطيء.

اللغة (وباختصار):
كما ذكر روسو هي خط موازي للتطور الحضاري ، لأن اللغة تزداد غنى وديناميكية بزيادة الحاجة عن التعبير عن الذات في عملية التفاعل مع الأنا و الذات.
ومما لاشك فيه أن الحاضر بقوة سياسيا وثقافيا و إقتصاديا ومعرفيا هو الأقدر على فرض لغته ، إلا أن ذلك لا يعفي الطرف الأضعف أو الأقل قوة من واجب الذود عن لغته/حضارته ، لأن اللغة تمثل مفتاح التواصل و التعاطي حضاريا لأنها ببساطة الأكثر تعبيرا وإحتواءا وإنعكاسا للخصوصيات الحضارية و الثقافية و الهوياتية . ومن هذا المنطلق خرجت لدينا على الساحة العالمية نوافذ في عالم الإنترنت و الفضاء الإتصالي مثل مشروع أوروبا جارتنا الموجه للعالم العربي وبالذات دول ساحل البحر الأبيض المتوسط .
ونافذة أخرى هي القناة الفضائية الروسية المتحدثة باللغة العربية ، وكلها نوافذ بقدر ما تستحق الإحترام بقدر ما تعري سؤالا حاضرا وبقوة:
أين نحن؟؟؟

وبالعودة للعلاقة اللغوية بيننا وبين الآخر وجب علينا إيراد الملاحظات التالية:

1. 88 % من معطيات الإنترنت يتم باللغة الإنجليزية.
2. 75 % من أجهزة الحاسب الآلي تمت تصنيعها باللغة الإنكليزية.
3. 60 % من البث التلفزيوني لمشاهد العالم و أحداثه هي منتجات أمريكية.

ولكي لا تفهم أطروحتي عن العولمة بأنها طرح لنظرية المؤامرة سأورد مثالا صغيرا يوضح أن سباق التفوق الحضاري لا علاقة له سوى بالرغبة في سمو الذات الحضارية بعيدا عن هوية الآخر المتأخر أيا كان دينه وإثنيته وهويته وحتى تاريخه الذي لا يستطيع إستقراؤه في الغالب ويعلق في إنشائية الخطاب وتفصيله بحسب مقاسات الآخر شخصانيا وليس فكريا أو حضاريا .
فإفريقيا بتعدد أديناها السماوية والوثنية ولغاتها وحضاراتها و إنتماءاتها لا تمثل أكثر من 2% من حركة إنتاج الكتب عالميا.
نظرية المؤامرة التي يسعد لها الكثيرون لأنها تطبب الكثير من جراحهم التي أحدثوها لأنفسهم بأنفسهم ، وتسبغ عليهم دور الضحية والشهادة بأي مرجعية كانت وإن كان أكثرها حضورا هي المرجعية الدينية التي أتت علينا بقميص عثمان الذي جعل البعض يلغي جميع هوياتنا ويأدلج كل شيء حتى الله بعد العقل والإنسانية وحتى التاريخ.
بل إنني أرى أن أطروحتي هي نقدا لكل الخدرين بنوسطالجيا نظرية المؤامرة أيا كانوا و أينما كانوا ، فإذا كان الآخر يطرق كل الأبواب بعيدا عمن ورائها نائما ، فذلك لا يعطي لذلك النائم إذا ما إستيقظ فزعا حق التشاكي وإستحواذ البراءة أيا كان .

أعتذر عن خروجي عن العرض ، وبالعودة ثانية للغة :

- الدبلجة :
لحركة الدبلجة تأثيرها القوي في ثقافتنا المتراكمة ، لأنها تتناول الفضاء التلفزيوني و السينمائي وهو صاحب الشريحة الأعرض تعاطيا في عصر الإستهلاك.
إلا أن تلك الدبلجة لا تتم من لغة لأخرى بل من لغة للهجة ، مما يعمق الفروقات اللهجوية بين الشعوب على حساب الإجتماع اللغوي .
وسيتساءل سائل عن الفن التمثيلي وعلاقة اللغة بخصوصية المجتمع المقدم في ذلك الفن فسيكون ردي أن الفن متى كان معبرا عن مجتمع ما عربي فأهلا باللهجة المحلية لذلك المجتمع لما في ذلك من كونها معبرة عن خصوصياته وتقاطعاتها جزئيا في الجذور مع الكثير من مجتمعاتنا العربية ، ولما في ذلك أيضا من كسر حواجز اللغة بين أبناء الشعوب العربية الواحدة
إلا أن الدبلجة –كأداة تقديم- عندما تصبح من لغة غريبة تماما كالهندية والفارسية والإنجليزية و الفرنسية والألمانية والإسبانية وحتى التركية* ، فلا يجب أن تتم الدبلجة منها لللهجة الخليجية مثلا أو المصرية أو اللبنانية ، لأنه وببساطة المقابل لتلك اللغة أيا كانت هو اللغة وليس اللهجة.

- الكتابات الفكرية و الأدبية و الثقافية :
من الملاحظ على الساحة الثقافية الحالية ظهور الكثير من المنتجات الفكرية والأدبيات العامية ، والتي لايمكن بحال من اللأحوال إنكارها لا الآن ولا أبدا ، ولكن سطوة تلك الأدبيات أولا ومن ثم طرقها لمجالات معينة بذاتها مثل الفكر و الفلسفة و النقد وعلم الأديان و الإجتماع السياسي ، إنما هي ظواهر لا يمكن إغفالها أو تجاهل مسبباتها والتي أولا تدل على إفتقار اللغة العربية لسطوتها بين الذات و الأنا ، ليصبح التعامل باللهجات العامية في تلك المجالات مبررا بكل قصورها وميوعة ألفاظها وسقطاتها الفكرية التي لن تحمي جودة الخطاب و المادة المطروحة من تلاعب أو تقصير فكري أو تعبيري.

- الترجمة :
و الحديث عن الترجمة يطول بما لا يتسع له المقال ، إلا أن الترجمة في سياق التفاعل الحضاري على مدى التاريخ والذي أوضح لنا أن حركتها كانت دوما من اللغة المتحضرة أو المتطورة إلى تلك الأقل ، لما في ذلك من من اللحاق بالركب الحضاري.
فسر ذلك الكثير من شواهد التاريخ حين ترجمت الكثير من كتب العلوم و الفلسفة و الطب و الكيمياء وغيرها من اللغة العربية إلى اللاتينية ، يكفي من ذلك للذكر عدد الترجمات التي فاقت الثلاثمائة في قرنين من الزمان. مما جعل الكثير من الحضارت الأوروبية التي قامت على أحداث إقصائية كمحاكم التفتيش ليست بالقادرة على التخلص من الإرث العربي للمعرفة مهما كانت الوسائل ، يكفي لذلك ذكر أن ملابس ملكة إسبانيا بعد سقوط الحكم الإسلامي في الأندلس كانت مطرزة بحروف عربية ، لأنها صيغت بأيد عربية.

أين نحن الآن من حركة الترجمة في ظل سطوة اللغة الإنجليزية (ليس وحدها)؟؟؟
أين نحن منها وأسبانيا وحدها تترجم ما يفوق حجم مايترجمه عالمنا العربي و الإسلامي المخدر كاملا؟ ناهيك عن جودة عملية الترجمة تلك وإفتقارها للموضوعية و الأكاديمية و الرقابة الحرفية ، الذي يجعلها عرضة لهوى مترجمها.


- الرقابة:
مابين كتب ممنوعة رقابيا وإعفاءات مشروطة وموافقات جزئية تظل الرقابة بقدر ما هي منهج نظامي رسمي ، إلا أن اصلها الفردي و الإنساني الذي يوجد له الكثيرين مبررات تحت مسمى الدين أو الأخلاق أو الوطن ، يجعل من الساحة الفكرية في اوطاننا سجنا كبيرا كلنا فيه سجانون وسجناء ، نحتاج صنما أكبر ليوافقك على مانتعاطاه فكريا فيقبله أو لايوافق فيرفضه ، ونحن نتبع فقط ،لدرجة أوصلتنا بالتتابع لتجاهل الفكرة في حد ذاتها وتقييد حريتها ، و التي هي حق مكفول و أصيل إنسانيا تقف ضد الصنم أيا كان. :

http://timeofwhitehorses.blogspot.com/2009/08/blog-post_13.html
و
http://timeofwhitehorses.blogspot.com/2009/08/blog-post_20.html


- ثقافة الصورة :
في عصر تحولت فيه كل صنوف المعلومات و المعارف إلى منتجات إقتصادية تدر عائدا ماديا ظهر ما أسميه بثقافة الصورة و التي نتجت من حالة الإكتمال الفني و البهرجة والمبالغات الفنية الإستعراضية في الصور جعلت منها منتجا شهيا لايقاوم ، وفي نفس الوقت ثقافة التيك أواي.
فالصورة هي المعبر الأول و الأسرع عن المعلومة ، لذا فاللجوء لحرفية إستعراضية في الإعلام جعل منها أسرع رسالة و أقلها مقاومة ، لذا نلاحظ سطوة الإقتصاد و الرسائل المبطنة فيما يعرف ب الراعي الرسمي ، و الذي يظهر دائما لدى المنتج الصوري غن جاز القول أكثر من غيره من صنوف المنتجات المعرفية.
ومن مشاهد ثقافة الصورة أيضا ثقافة المقاطع ، أي في لفظ آخر ومقاربة أخرى ثقافة الإقتباس اللفظي أو الصوري في بعض الأحيان . فيصبح أي توجه فكري او معرفي أ, ثقافي معلبا في إقتباسات مقطوعة أو موتورة عن السياق أو الجسد الكلي مما يفتح لها باب التعرض بسهولة للتوجيه ، وذلك بعيدا عن الحجم الثقافي و الكلي لها ، ومشاهد ذلك كثيرة ليس أقلها إختصار التوجهات الفكرية في مقطع فيديو من دقيقتين أو أقل أو أكثر ، هو كل مايحتاجه البعض في زمن السرعة لإصدار الحكم الخالي منطقيا والغير موضوعي على ذلك التوجه كله.



وللحديث بقية

Tuesday 19 January 2010

كانت حلما


- قالت:

لا تذهب.

..............

- قلت:

سأظل حاضرا معك أسرق من خديك قبلة على غير إنتباه منك...وأمازحك وأنت تفتحين مظاريف البريد..وأنفخ دخان تبغي عليك وأنت تقرأين كتابك..
سألعب بألوانك وفرشاتك...
ساظل أدور في فلكك لأنني لاأحيا خارجه..
وستكونين شمسي وسأرجع بنا عصور المايا لأتنسك بمحرابك ولا أغيب عنك..
إلأ أنني أخاف أن انتمي إليك..
وأ خاف أن أنتمي لشيء غيرك..

............

- قالت:

أمن الممكن أن تضعني قلما من أقلامك لأحس حميمية علاقة الحب بينك وبين الكلمات..
لأشهد الورقة كشرفش سرير بعد ليلة حب أيروسية...
.......

- قلت:
أعترف أنني أستمتع بضعفي أمام أنوثة عباراتك وخيالك وكلماتك...وأعلن أنني سأبدأ علاقة حب أسطورية معك بأثر رجعي...
سنسير معا في الزمان للأمام و الخلف معا...
ليتك أمامي لنصل معا لحالة من النشوة الشعرية بعيدا عن كوكب البشر ..
فنصعد مجالس الآلهة..
ولنعلم شيفا وكالي عذرية الكلمات....
.........


أغــار من الأشياء التي
يصنع حضوركَ عيدها كلّ يوم
لأنها على بساطتها
تملك حقّ مُقاربتك
وعلى قرابتي بك
لا أملك سوى حقّ اشتياقك
صدقا أغار من مكتبك..
من مقعد سيارتك
من طاولة سفرتك
من مناشف حمّامك
من شفرة حلاقتك
من شراشف نومك
من أريكة صالونك
من منفضة تركت عليها رماد غليونك
من ربطة عنق خلعتها لتوّك
من قميص معلّق على مشجب تردّدك
من صابونة مازالت عليها رغوة استحمامك
من فنجان ارتشفت فيه
قهوتك الصباحيّة
من جرائد مثنية صفحاتها.. حسب اهتمامك
من ثياب رياضية علِق بها عرقك
من حذاء انتعلته
لعشائنا الأوّل..
.....................


- أجبت :
لا أملك سوى أن أحسد من أحبك يوما..
وأحسد من لم يحبك يوما..
الأول على ضعفه..
و الثاني على قوته
..............................


ردت:
و انا احسد كل امراة مرت باراضيك يوما
و حاولت عبثا ان تعشش داخلك
.................................


أشتاقهن جمبعا فيك..وأعلن إتحادي بأنوثهن جميعا...ووحدتي بدونكن جميعا..
تبتلعني وحدتي و أخاف علي مني..أن أتحجر وحيدا ههنا..
أن لا أعي إنسانيتي إلا في كلماتك...كلماتكن وآهاتكن..

وأعلن منفاي ووطني في إناث/مدن علموني الأسفار لغة وعشقا...

...........................................

انا ايضا تائهة في خضمك
صرت لا ادرك سوى ..
انك نقطة ارتكازي..
على هذه الكُرَةِ الأرضية المُهتزّهْ..
.........................................

- قلت لها:
أعلن من تلك النقطة الصغيرة إحتياجي إليك..
وإتحادي بحزن عينيك..
وجمالية كلماتك..
وغواية أسطورتك المنسدلة ليلا كاحلا على أكتافك..
عمديني في حلمك لألا تصلني سهام الحزن بعدك..

………………………………

قالت:

يكفينى من حبك انه......يملأ دنياى ....ويكفينى
عمرى الآنى.....والآت بعمرك يطوينى
يكفينى .....انك........................تكفينى
بدايتك بدايتي

………………………………..


فإسمحي لي أن أحبك من حيث إنتهت كلماتك..من البدايات....
بدايات الشعر..
بدايات العشق..
بدايات الغواية..
بدايات الحلم..
بدايات الغزل..
بدايات الموسيقى..
بداية الشعر..
بدايات الوطن..
بدايات الجنة..والإنسانية ..فلنكن آدم وحواء في أولى دروس الحب..لنعلن ثورتنا على أوراق التوت..فهل سيكفينا ما بقي من حلمنا..لنبدأ
....................................................


نعم سنبدأ...
سننشئ و نخلق..
سنعلم هذه الارض العشق و الشجاعة و العقل...
و نهزها هزا...
سنخلق الرياح و العواصف...
و نخلق الرعود و الزلازل...
و سننشئ الحب....
فهات يدك و...
لنبدأ


أتراها تحتمل عنفوان حلم جمعنا أم ستضيق عليه سماوت سبع و أراضين سبع..
وإن كان كذلك..
سنرتحل بين الكواكب و الأجرام..
سنطير في سماء الاسطورة..
نجمين من مستحيل..ومرمر..
سأفلح الأرض و السماء من رمان شفتيك..
لنعلم الآلهة الحب...
ولنعط التايتان سببا..
ليظلوا يحملون هذه الأرض...

والحلم..
.............................................

نعم سنرتحل..
سنطير ... سنحلق عاليا
سنخلق...
سنتوحد...
سنكون معا...
و سأكون في كل روح ... رَوحك

وفي كل دورات التناسخ التي سنحياها...
و سنأسس لمملكة عشق لم يسبق لأحد قبلنا ان اسسها
و سنبدأ من البدايات..
..............................................


وننتهي عند البدايات...


لتصبح بدايتنا عشقا...
وعشقنا بداية...
ولنضع تعريفا للزمان .. زماننا... بزماننا
وللمكان ...مكاننا..بمكاننا..
وزماننا نحن عاشقين..
ومكاننا..نحن لازلنا عاشقين..
لنجعل المنفى و الوطن عشقا..
لنجعل الأضداد و المترادفات بنا عشقا......
لنجعل الأصل في كل شيء العشق...
ليصبح بنا الحب معضلة وحلا...
أبجدية ورسما..

.............................................


- سألتني بخوف:
ولكن سيقبض على كلينا اذن بتهمة التورط في الحب..
............................................


سنعدم في ميدان عام على رؤوس العشاق..
ليتعلموا أن العشق في هذا الزمن جريمة...
هو نزول بالجنة إلى الأرض لتتسع لعاشقين إثنين فقط...
يراهم الناس ..يتناوبون العشق و الحياة على سرير العمر لا ينفصل جسداهما..

في نشوة صارخة الآهات..تصم آذان هذا الزمان الأصم
ها أنت ههنا..
داخلي ..
أحيط جسدك العاري المرمري
لتشرق الشمس من بين نهدين من سحاب...
وليغطيني شعرك
مسترسلا
كل خصلة تمر بمقام صالح..
لأرص قبلاتي على خط ظهرك...
سلسلة من بلورات و أحلام...
على كل جغرافيا المستحيل...
.......................................................


و سنفض بكارة الجنون...

…………………………………..

وسيفيض دمنا رحيقا من شجرة الحياة....
يزرع بكل أرض حلما وعشقا..
ولن نكتفي جماعا حتى تزهر الأرض جنة..
فينادي المنادي ليوم الحساب ..
فلا جهنم هناك..
فالجيم تركتها للجنة
و الجنون
والجماع
جنتنا وجنوننا وجماعنا....


فلنصبح معا على ورد...
على موعد آخر مع حلم...

Thursday 14 January 2010

حاسة


إحترت كيف أصف صوتك..وكيف إحتلتني بحة المرأة فيه..
كيف كانت بريئة...متدثرة بدثار من الغواية والذكرى ..
تعري أحد النهدين وكتف...
وإنتماء....إنتمائي إليهما...

كيف لك ولبحة هذا الصوت أن أراك بكامل النقصان حولي...
تلمسين صدري المتيم بإصبع من منمنمات نساء....
عشقنني..وتركنني....
تزرعينه حلما وشوقا ....ونشوة...

كيف لحاسة كالسمع ظننتها بريئة...
أن ترتحل بي في ليل الغواية و العشق...
في أيروسية صوت وخيال...
هو صوتك وخيالي...

ياإلهي كم إشتقتك...بحاسة


Friday 8 January 2010

المعرفة و القوة : العولمة (3): إرث الإستشراق و الإستعمار


للفظة ( الشرق) و (الغرب) الكثير من الدلالات السياسية و الحضارية و الأيديولوجية خارج المدلول الجغرافي البريء في كتب الجغرافيا في المدارس.

فإفريقيا التي تعتبر جزءا من الشرق السياسي ، تقع إلى الجنوب جغرافيا من القارة الأوروبية و التي بدورها جزء من الغرب السياسي ، و الأخيرة تقع إلى الغرب جغرافيا من الولايات المتحدة التي تمثل قطب الغرب السياسي.

وهكذا ، فسقوط إحتكار مدلول مسميات كالشرق و الغرب جغرافيا ، يفتح بابا للتساؤل عن الإرث المنتج من تسييس الإتجاهات الجغرافية .

ولم لم تنتج تلك الإتجاهات الجغرافية حركة معرفية تعادل الإستشراق ولتسمى إستغرابا؟

بل ولم لم يتم الإمعان في تقسيم الغرب معرفيا وسياسي كما قسم الشرق إلى أوسط و أدنى و أقصى؟

كما لم توجد حركة معرفية أنتجت لنا كل هذا الكم من أقسام دراسات الشرق في جميع جامعات العالم ومحافله الدولية واللغة العربية تحديدا و التي سميت الإستعراب.

وماعلاقة ذلك الإرث المعرفي المسيس - في ظني - بالحركة الإستعمارية قديما والعولمة حاليا؟؟

إن الشرق و الغرب لاحد يفصل بينهما ، كما أن مدلولاتهما السياسية و الحضارية ليست بحال من الأحوال بريئة من الإرث الإستشراقي ، مما يستخدم كأداة تعريف وتنميط للعلاقة في الحوار الحضاري بين الأمم ضمن أطر بعينها.

وقد يظن انما المعنى قد سيق به ضمن سياق نظرية المؤامرة في حين أنه ليس سوى صراع قوى على المصالح و الثروات والنفوذ أيا كان الطرفين، ولو فرضنا أنه كان معكوسا .

فالإستشراق في أبسط صوره وتعاريفه :

هو ظاهرة دراسة المجتمع و الأدب الشرقي من وجهة نظر غربية ( لاحظ الجهات الجغرافية الموجهة) ، إلا أن الإستخدام الأغلب كان لدراسة الشرق إبان العصور الإستعمارية مابين القرنين الثامن عشر و التاسع عشر الميلاديين . (لاحظ أولا الجهات الغير جغرافية وتقيد المعرفة الحرة فرضا بزمن).

وقد قدم المفكر إدوارد سعيد تعريفا لل "إستشراق" في كتابه الذي حمل نفس الإسم وصدر عام 1978 ، ثلاثة تعريفات للإستشراق ، يعتمد بعضها على بعض :

* التعريف الأول:

كل من يدرس الشرق أو يكتب عنه أو يبحثه سواءا في سماته العامة أو الخاصة فهو مستشرق، ومايفعلى هو إستشراق.

* التعريف الثاني:

الإستشراق هو أسلوب من الفكر المستند على تميز وجودي ومعرفي بين الشرق و الغرب.

* التعريف الثالث:

أسلوب غربي للسيطرة على الشرق وإعادة هيكلته لإمتلاك السلطة أو السطوة عليه وتطويعه.

ومنطقيا تتبع ذلك إنتاج ثلاثة أنواع من المستشرقين لا يسعنا ههنا اعطاء أطروحة الدكتور أدوارد سعيد حقها من التفنيد و النقد ، إلا أن ما يمكننا قوله أن الفكر الإستشراقي قد أنتج لنا منتجا فكريا تناول التعاطي مع الإرث المعرفي العلمي و الفلسفي و الديني و الحضاري الشرقي بكل جوانبه ، و أخص بالذكر ههنا الجانب العربي عامة و الإسلامي خاصة بدون الفصل .

وذلك لأن نصيب الشرق (الجغرافي) من دراسات الإستشراق التي تناولت الحضارات الصينية و الشرق الأقصى والساموراي و الكونفوشيوسية والبوذية و الهندية وما إلى ذلك قد وظفت جيدا وكما يجب أن تكون: دوعة للتوازن مابين الأصالة و الحداثة لتصبح منطلقا للكثير من الدول للتقدم كالهند التي إنعدمت حركة الإستيراد لديها واليابان العملاق الصناعي وأخيرا وليس آخرا العملاق الصيني الأحمر ، وذلك مع كل الإحترام لفارق الزخم الحضاري و التاريخي و الثقافي.

كان ذلك المنتج الفكري الإستشراقي أحد إثنين:

1. منتج تعمد تزوير الحقائق التاريخية وشواهدها على أرض الواقع ضمن الإطار السيادي (فرق تسد) ضمن منهجية تميزت بإنعدام الموثوقية العلمية و الأكاديمية و المهنية والتي وصلت مؤخرا حدود التزوير ، والتركيز على الشواذ التاريخية وتعميمها كنمط كأزمنة الحروب و المحن ، وكذلك أنماط الطائفية الدينية و القبلية المتصارعة وغرسها ضمن السياق التاريخي كقاعدة متجاهلا الكثير من شواهد التمازج الحضاري و الثقافي و العلمي الذي وصل حدود هيكل الدولة التي أصابت من المؤسساتية الكثير، مما شهدته الساحة الحضارية العربية و الإسلامية بكل ما أفرزته من فنون وآداب ، منكرين ذلك الدور التأسيسي في الحضارة الإنسانية ككل.

إن هذا المنتج يحمل في طياته خطرا حضاريا محيطا لا يمكن إختصاره في التزوير فقط ، لأنه دعوة للعقول والأقلام الفكرية و الثقافية العربية و الإسلامية لتصبح فقط ردا لفعل، كل ماعليه أن يبحث ويفند تلك التواترات الضعيفة و المغلوطة وتنقيتها من توجهاتها السياسية الغير بريئة ، وذلك بالسير في التاريخ إلى الوراء و الإمعان في قراءته بشكل إنتقائي ورجعي. في وقت نحن أحوج ما نكون فيه لقراءة فلسفية للتاريخ مهمتها تصويب أخطائنا لا أخطاء الآخر.

كما أن ذلك المنتج يولد إحساسا غير ديناميكي في أغلب الأحيان بالظلم ينتهي بالكثيرين لإستحواذ دور الضحية والشهادة ، فيما يفسر تسرطن نظرية المؤامرة الذي بلغ حده أن إستفحل في الكثير من العقول الموجودة حاليا على الساحة الفكرية و حتى السياسية.

2. منتج ثاني و إن كان يتحلى بالمصداقية و الثبونية والأكاديمية التاريخية إلا أنه في نظري يعد أشد خطورة من المنتج الأول و إن كان ينتهي لنتيجة مقاربة.

لأن كل تلك العناصر لدى التعامل مع التاريخ الشرقي العربي و الإسلامي ، وماأثبته من دور ذلك الشرق في البناء الحضاري الحالي - تحت أي مسمى جهوي كان- ، إنما هو و بالموازاة معنظرية المؤامرة يعد مخدرا ، كمن يتغنى اليوم لفقير معدم بثروة أجداده ومجدهم وسلطانهم ، فينام ذلك المعدم حالما بالثروة والمجد و الغنى ، بعد أن تمت تغذيته بالحلم البائد ليصبح حلم يقظة يحمله لبعد آخر عن الواقع ، وهو في كلا الحالتين : في صحوه ومنامه ..هو مغيب.

إن كلا من المنتجين السابقين للإستشراق ورد الفعل الناتج عنهما إعتبار أنهما أفعال ، يشكلان سببا رئيسيا في ما آلت إليه الحركة الفكرية الثقافية في عالمنا العربي و التي إقتصرت لدى تفاعلها مع المنتج الغستشراقي و إرثه المعرفي و التاريخي حضاريا إلى:

1. تيار متقوقع تحت مسمى الأصالة والتي لا تقتضي الإنغلاق ، يرفض التعامل مع الآخر المتآمر عليه و المستحوذ على الصواب الإلهي ، مما فرض سورا حول ذلك المنهج والتيار الفكري أعطى للكثير من رموزه ومنابره الفرصة والمساحة الكافية للتأويل الأحادي الجانب و الموتور في الغالب للتاريخ والحضارة والسياسة ، وأصبح لكل رمز منهم قميص عثمان واتباع يتركون عقولهم بجانب أحذيتهم..على أبواب المنابر.

2. تيار آخر وتحت مسمى الحداثة إلتصق بكل إنتاجات الآخر وإستحوذ دور المستهلك بغض النظر عن جودة المنتج ،وتبرأ من الكثير من عناصر الهوية كالتاريخ تحت منطق دارويني يسقطه بقصر نظر منقطع النظير على الهوية لتصبح كالعمل الوراثي ، يمكن تعديله بتغيير الأحماض النيتروجينة ، متناسيين تماما أن الهوية ، لا يمكن أن تعود ابدا لنقطة الصفر ، بل هي تراكمية نقدية.

وجب علي التنويه أن السيد داروين قد إعتذر عن تلك الهوة في سلسلة التطور البيولوجي الإنساني والتي أعابت الكثير من جوانب نظريته والتي كانت منطقية بيولوجيا في الكثير من نواحيها.

ولا يمكننا بحال من الأحوال التعامي عن الظل الفكري الإستعماري و الإستشراقي الظل إستخدم الكثير من التأويلات الداروينية وعملية الإنتقاء الطبيعي والتطور عندما كان الإمبريالية مساقة بالكثير من المظلات التي تناولت دونة ثقافة الرجل الملون ووجوب تنقيح البشرية وبسط سطوة الرجل الأبيض ، وبالذت لدى الثورة الصناعية والحربية و العلمية و البحرية بالذات في دول مثل فرنسا و إنجلترا وهولندا و البرتغال.

فكما قد سيقت أبسط المعارف من دين وفلسفة وجغرافيا وأدب لتسير جنبا إلى جنب مع الإستعماربمباركة الكثير من رموزها مثل ليبينز ونيتشه و غيرهم - مع الأخذ بالعين الفعل و التأويل و المسافة بينهما- ، إلا أن كل ذلك إنما جاء ليغرس دونية الثقافة والهوية القطرية و القومية بكل عناصرها وليظلل ثقافة المستعمر بالمعرفة بشتى صنوفها وإنتاجاتها التي غرست بالقوة .

القوة العسكرية و التي و إن غابت في العولمة في عصرنا الحديث ، وظهر بديلا لها القوة الإقتصادية والتي تتميز ببرودة الدم وبطء إتمام الفعل وصمته.

إلا انها تترك مساحة جيدة للمقاومة إذا ما أمكننا تفكيك السلاح الإقتصادي بالشفافية والرؤى الإستراتيجية البعيدة عن الكراسي ، فسيظل لنا العامل الثقافي و الذي سيرد تباعا في هذه السلسلة.