Tuesday 20 September 2011

مشاهداتي (1) : إستحقاق أيلول جريمة لغوية

الإحتلال يقوم بافتراض صيغة من التكافؤ أو الترادف فيما يتعلق بالفلسطيني بين "الصورة" و "الهوية" ، لذا فهو يقدم دوما الفلسطيني على أساس إنه "إرهابي" أو من حضارة أدنى ثقافية / إنسانيا أو صاحب "حياة" تستحق الشفقة -فلا قضية نبيلة لديه يقاتل من أجلها إنما هو يستشهد ويموت ويؤسر ويقاوم لكونه لا يستطيع أن يحيا متوائما مع الآخر "الغير إرهابي" الآخر "المتحضر ، لإرث أدنى من ثوابت دينية وثقافية وحضارية وإنسانية .
وهو ما يعطي حيزا للفلسطيني ، للمقاومة و تغيير حدود الإستيعاب و الخطاب و اللغة و التمظهر ، وذلك بخلق زمنية فلسطينية خاصة لا يمكن الإحاطة بها أو إدراكها إلا بإدراك وتعريف "الذات" الفلسطينية كاملة بين:
"تناقض" الصورة كمنتج حداثي معولم.
و"ثبوتية" تقتل الهوية ، كمخزون حي للإنسان.
وهو ما يجب أن يتم باستخدام خطاب سياسي وحضاري وثقافي وإنساني، يتحرر من أدوات "التخييل" و "التمظهر" و "تعيين الهوية" للآخر ، سواءا الأدوات الايديولوجية و القانونية و الدولية.

إن استحقاق ايلول ، هو نوع من المصادقة -القانونية و الدولية- عن ذلك الترادف الصهيوني -المدعى- بين "صورة" الفلسطيني و "هويته" ، وهو يتفوق على عملية الإخفاء اللغوي القسري للفلسطيني بينهما ، في الجسد السوسيولوجي - وحتى الأنثروبولجي- الإسرائيلي، إلا أن تداعيته أيضا لا يمكن فصلها عن الجسد الفلسطيني فهو صنيع ذلك العقل السياسي الفلسطيني.

إن استحقاق ايلول ماهو إلا جريمة ، لغوية و إدراكية و إنسانية ، تفوقت على جميع ادوات "المابعد كولونيالية" للسيطرة .

Tuesday 13 September 2011

استحقاق أيلول: إقرأ ...ما أنا بقاريء

(من شأن انضمام فلسطين لهيئة الأمم المتحدة تمهيد الطريق أمام "تدويل" "النزاع" باعتباره أمراً "قانونياً"، وليس مجرد أمر "سياسي". كما سيمهد الطريق أمامنا لمتابعة "ادعاءّاتنا" ضد إسرائيل لدى أجهزة الأمم المتحدة، وهيئات حقوق الإنسان المنشأة بموجب "المعاهدات" ذات الصلة، ومحكمة "العدل" الدولية... كنا نتفاوض مع دولة إسرائيل على مدى عشرين عاما دون أن نقترب ولو قيد أنملة من إقامة "دولتنا"... وماتزال المفاوضات هي "خيارنا الأول"، ولكننا بتنا مضطرين، بسبب "فشل" هذه المفاوضات، إلى التوجه إلى المجتمع الدولي لمساعدتنا على المحافظة على الفرصة "الأخيرة المتبقية" للتوصل إلى نهاية "سلمّية" و "عادلة" للنزاع القائم).

من ترانيم الوثنية السياسية في زمن إله الحديد ورسله، على لوح محفوظ أنزلته سماء عاقر، على عتبات تاريخ مغتصب، في شؤون الدم المسفوك على كتف عاهرة، كانت تلك الصلاة، لانتزاع اعتراف أممي بقانون الجسد المنتهك.
مؤلم ومفجع ومأساوي، كيف ترتكب هكذا مخيلة جرما متخيلا، وتقننه وتسيّسه، وتصلي له. أي خرس تاريخي وصمم ذاك الذي أصابها؟
ألم ير ذاك القلم المسفوح السردية التاريخية لآدم، منذ أن خرج من جنته على يد آلهة وشيطان، ألم يهتز حبره يوما ويسال لزلازل تزور مدنا وقرى لتدمرها، فلا يهجرها أهلها، بل يعيدون بناءها، ويرتقون ظلالها بالضوء والحكاية، في ذات الموقع التراجيدي وعلى نفس ركام الألم؟
ماذا نسمي هذا الشغف بالمكان، حتى في عز الكارثة؟، أوليست السردية أول الفاكهة والأرض والهوية، لغة.
وما يصح على الفلسطيني ينطبق على اليهودي، ألا ترى – تلك المخيلة- إلى حائط المبكى وقد ذاب من القبل أكثر مما حتتّه الدموع؟
إن مخيلة الترانيم الوثنية تلك، وهي تتمنطق بالقانون وجميل السياسة – إن كان لها جميل-، لا تملك من الحياة ما تضخه في عروق ورقة توت "مستحقة" واحدة من "هذه الأرض"، تداري بها سوأتها، تحت سماء خرساء وشيطان بريء.

صلاة كتلك بمحراب روما القديمة/الحديثة، تسفك التاريخ لصالح إتاوة إيروسية فاحشة وكاذبة، وتنتهي بالأخوين اللدودين إلى عناق عار وجاف، بعد اقتسام جسد المرأة، وسريرها.
أما توقفت تلك الترانيم الأيلولية، على العتبات الصلصالية لزمان يصر على ألا يكون إلا "أيلولا أسودا"، مضرّجا بالعويل، و النهب، و حنين البدايات للبدايات، قبل أن تُمس عذرية التعاريف، بقضيب التأويل، ألم تتساءل قبلا:

ألم يكن ذلك "الانتصار"أقل كلفة بعد خمسة حروب وانتفاضتين، وأجساد وأحلام تطأها القبور والهوية؟
أي انتصار يتضور جوعا هو ذاك، انتصار الميلودراما على بطاقات البريد، حين يصبح العنوان سرابيا بامتياز على سفح جغرافية خطية: "على يسار المسرح المهجور سوسنة و شخص غامض، وعلى اليمين دولة مدنية وعصرية"؟، أما اكتفينا من متلازمة منطقية عربية بامتياز جعلت منّا قاعدة شاذة لا تستوي بدونها عموم القاعدة، كحتمية العلاقة بين المركز و الهامش.
أي إله، يقبل نسبية البراغماتية، قرابين لمطلقه المقدس، أي عدالة تلك التي تنزع عن الفلسطيني ظله، بقناعة إجبارية، وتاج من رماد، ليقول: وداعا حيفا، وداعا طبريا، وداعا أيها الشاطيء السماوي، وداعا عكا، وداعا لكل زيتونة عتيقة ومتعبة، من الحكاية، وداعا لفلسطين الماضية إلى يهوديتها إلى الأبد... بكوفية؟
ويخرج من برتقال يافا الحزين... حزينا.
أي وطن هذا الذي يمهره الذئب بدم الغزال، أي "عدل" ذاك من لغة تخون معناها؟، هو ليس "نزاعا" حين تشبثت الجهات بوجهة البراعم، هو ليس "ادعاءا" حين صعدت الصرخة سلالم النبات، هي ليست "دولة" تلك التي تباركها إبادة هوية، ومنفى وطني لها.. مخيلة يحاكمها كرسي وصولجان، بتهمة معاداة الأسطورة ويقظة زائدة بهوية ووطن.
لن ابدأ وطني/دولتهم من ظلام وفلز، فتلك أرضي وأرض سمائي، ولست مكلفا إلا من الغياب بكتابة أسماء حضورها الجغرافي والثقافي والحضاري والإنساني، كتابة تحررها ذكورية اللغة وأنثوية الحكي، ذكورية البرتقال وأنثوية الأرض، هما كل ما أعرف، فلست إلا ما أعرف، ولو لغويا.

ناهضا في ثيابي الآجرية يحدني شمالا موجها وجنوبا برتقالها، وشرقا سماء وضاءة، وغربا سيف من "ضاد"، بها أطمئن لنبضي الصلصالي تحت قشرة الدم، فأعري خطابا سياسيا أفرط في خفته اللاهوتية، وزئبقية البوصلة.
استكثرت علينا "كافا" مهما تشابهت تظل شبهة لا تلامس النور، فلا يعوّل عليها، لدولة لن تصبح كـ "وطن".أي ترجمة للبازلت ننتظر، لنص ثوبه اللغة، وجسدنا المعنى، حرا من سطوة الأركيولوجيا، في زمن ربيعي تصوغه النون الفلسطينية العربية، في منتصف الـ"أنا" وعلى بداية ونهاية الـ"نحن"، إلى بلد لاحدود له، وغينة لا تختنق.
"اللغة التي ورثناها، بلا انتظام، قد بلغت حد الإشباع في وصف مالا يقترب من وصف حالتنا الجديدة. ولكنها هي تلك اللغة، وما يشير إلى هويتنا وإلى شكل وجودنا ونسيجه. وفيها لا في الواقع الطارئ، نعثر على دفاع الجسد عن الروح، وعن حاجة الروح إلى جسد".

أيا لغة من الأرض، وللأرض، هي مخطوطة كتبها الله بحبر سري والشمس والعشب والماء حبر فاقرأ!. ولا تقل لي ما أنا بقارئ.
ميز بين الموج و الطمي، بين الأفعى و الأقحوان، لتكفر بإله الحديد، وجبريله.

_______________________________________________________________________________
رابط المقال على موقع عرب الـ48 الإخباري:

رابط المقال على صفحات المركز الفلسطيني للتوثيق و المعلومات: