Sunday 20 November 2011

قراءة في الأمل الثوري

لعل من أهم مايبث في قلبي الأمل فيما يتعلق بالربيع العربي ، تميزه من حيث:
1.الوعي الذي يتمتع به الشارع والميدان ، والذي فاق نخبا سياسية وثقافية و إعلامية ودينية لاتزال تتعامل مع الثورة بمبدأ الكراسي الموسيقية، أو الراعي الذي كان يعزف نايه ليخرج الفئران من القرية (قصة من التراث الألماني)ن فالمجلس هو الراعي ، والنخب هي الفئران، فيقودهم للماء و الغرق ، بنعمة الموسيقى.
2.بلادنا لعقود رزحت تحت نير الفكر السلطوي العسكري الديكتاتوري ، وهو فكر في أصله ذكوري أبوي ، حضور المرأة في الساحات يحرر فيَّ شخصيا إنتمائي للضمير المؤنث ، في "المدينة" "الحرية" "الأم" "الجنة" النار" "القيمة"، في حين أنني "إنسان" ، ولذا فثورة اليمن الأقرب لقلبي في هذه النقطة.
3.مقدار الحرية التي يتمتع بها الثوار في الميدان ، أن تواجه الموت وجها لوجه ، هو نوع من التحرر لا نملكه إلا في القصص و الروايات ، وهو نوع من الحرية لايوهب ، إنما ينتزع.
4.جزء من النهضة الحضارية يتمثل في العودة للأصل الشعري اللغوي للإنسان ، فأصل الحضارة من اللغة و الشعر، الإلياذة و الأوديسا وغلغامش والأدب السومري و البابلي ، وغيرهم الملاحم الإنسانية البطولية الأولى نظمت شعرا في السرد ، وهو تماما مايحدث في ساحاتنا العربية ، اللغةالشعرية الجامعة وزمنيتها هي التي حمت الميدان وكل ميدان تحرير في دمشق الياسمين و اليمن و البحرين و القاهرة (جميلتي) والأسكندرية

Wednesday 9 November 2011

لا للمحاكمات العسكرية

الجلاد لم يولد من الجدار ، ولم يهبط من الفضاء ، نحن الذين خلقناه، نعم نحن الذين فعلنا ذلك ، وبإصرار أبله، تماما كما خلق الإنسان
القديم آلهته؟ خلقناه، في البداية ، رغبة في النظام السهل، ثم تواطأنا معه لإخافة الصغار و الغرباء والأعداء ، إلى أن أصبحنا نتساءل عن مدى قدرته ، ومدى الحاجة إليه ، وعند ذلك بدأنا ننظر إليه بحذر و نصمت ، ثم بدأنا نخاف منه ونعلن إلى أن وصلنا إلى الإمتثال و الطاعة والرضا ، و أخيرا التسليم!
ومثل الإله ، بعد أن خلق و إستقل و ابتعد. ثم أخذ يخلق لنفسه رموزه وشخوصه وطريقته في التعامل مع الآخرين ، أصبح وحده الذي يمنح البركة ، ووحده الذي ينزل العقاب. وكل من يتساءل أو يعترض فهو الآبق المارق الهرطوق، وهكذا توالت التقديمات له ، ثم الأضاحي و النذور، ومنه نطلب المغفرة ثم الرضا فالبركة، ومن لا يمتثل أو من يختلف فلابد أن يقاطع ، ثم يرجم، ثم يحجر عليه ، وهكذا ولد السجن! 

(2)

وتماما مثلما سخر الإله هذا الكم الهائل من الملائكة لكي تتجسس على البشر، وتنقل إليه ليس فقط ماحصل، وإنما ما يدور في القلوب و العقول من رغبات و أفكار ، وقبل أن تصبح فعلا، هكذا تعلم الأقوياء أنهم بهذه الطريقة وحدها يمكن أن يحموا أنفسهم ، وأن يواجهوا أولئك الذين يريدون هدم ماشيد خلال فترات طويلة! ولذلك بدل السجن الواحد أقيمت مئات السجون ، وبدل قوي واحد وجد أقوياء كثر بهذه الطريقة توالت السجون  واتسعت و امتدت ، فطغت على المدن وتجاوزتها إلى ما ورائها، وتزايدت إلى درجة بنى كل انسان لنفسه سجنا صغيرا يذهب إليه يوميا ، وبمحض رغبته ، للتعبد والتعود، ولكي ينتهي من هذا الواجب  الذي يثقل ضميره!

(3)

حين وصلت الأمور إلى هذا الحد قال الناس: وصلت النار إلى بيوتنا! وبذلوا كل مايستطيعون من أجل إطفاء  النار و إرضاء الذين أوقدوها... لعل الحظ يسعفهم فلا تصل إلى بيوتهم، ولكن الريح  باتت قوية وعصية على أي ترويض ، وهكذا بدأت النار تصل إلى كل البيوت. وأغلب الأحيان بشكل مفاجيء ، لأن لا أحد يحزر على الزوابع أو يتحكم بها.(4)لابد أن أتوقف، يجب أن أصبح حجرا ، أو صندوقا فارغا ، أو أتحول إلى قنفذ يعرف جيدا كيف يخبيء نفسه لحظة الخطر، وإذا تجرأت أكثر مما ينبغي فلابد أن أتعلم كيف يتحول الإنسان إلى مخلوق أخرس أو فاقد للذاكرة، وإذا إضطررت للكلام فعلي أن أتكلم كالخرفين الذين هدتهم الأيام ومتاعب العمر ونقص التروية!

(4)

الآن حان الوقت لكي نضرب بعضنا بعضا، ليس من أجل إقتسام المكاسب، فهذه غير موجودة، و إنما من أجل إستمرار الوهم، و أنت تعرف أن الثور الأبيض بدأ أكله يوم ذبح الثور الأسود! 

(5)

هل أنا الذي رأي كما قال جلجامش؟أغلبنا رأي وجميعنا نعرف، لكن الخرس اصابنا و الجبن هدنا، ولذلك لابد من الطفل الذي رأي عري الملك فصرخ، لابد أن ،صرخ ، أن نحتج.. 

الآن هنا...عبدالرحمن منيف

Wednesday 2 November 2011

السمسم

فلنتفاوض كسيدين.
إجلس هنا أمامي ، فأنا جالس ومعي ما تريد،
وحدق فيَّ كما ينبغي لخصم أن يحدق ، ثم ضع على المنضدة ما تحتوي جيوبك:
الحديقة أولا . إنني أرى الجذور تخترق السترة، و التراب يعفر قميصك. هنا على المنضدة... الحديقة أولاً.

ثم هات السحابة تلك ، التي تبلل حواف القبعة، وتتدلى خصل باردة منها بين خصلات شعرك. وهات القوس قزح، ذاك ، المائل على صدارتك المذهبة، هاته..هنا على المنضدة.

لا، لا تكن شاحبا، ولنتفاوض كسيدين ، فمعي ما تريد.
إجلس أمامي ، وضع على لمنضدة ذلك البهاء الذي أتعب مديحي..هاته وهات المساء المتدلي على صدرك كربطة عنق..

  مثقلا بالدماء ، مائلا كقوس يمتد من الذهب المسبوك بزنازين أجدادي،  إلى المديح الكذاب على عتبات صباحاتك..هكذا يتمدد ظلك على وطني، وبعون صوتك وسمعك يأخذ الوقت طريقه إلى الكلام الأخير..

أصارحك بالسنونوة الميتة على رأس شارعنا...
أصارحك بأنين الباب لصاحبه...أنا الجالس هنا، أمام صحن الرجل الذي قتل في الباب فلم يلمس وجبته...

أميري يا عافية الظلام، تسلل من الفضيحة إلي..

ولتخرس أمام البهاء الذي ينثر السمسم على أرغفتنا.


من وحي سليم بركات...