Saturday 2 April 2011

من أوراقي : "تلك"


هي امتداد للظل ، على حساب النور ،"تلك" البلاد ، ما أبشع أن يحيا المرء ضحية مرض إصطلاحي ، لايعي فيه الضوء من العتمة ، يرى الأول ولا يدركه ، وتبتلعه العتمة ، ولا يعترف.
بلاد ضيقة بامتداد ظلها ، تلك البلاد.
حينما تعرت أمامي تلك الفكرة ، شاخصة في ذهني ، عبّرت عن نفسها بكلماتها هي ، لا بكلماتي ، أليست كلمة "تلك" إعترافا بالتورط فيما وصفته الفكرة السابقة –بكلماتها- ؟
أغرق في عتمة الظل ، لا أدرك كنهه ، و أنفضه عني بادعاء كاذب ، مستخدما "تلك"، و كأنني أنا في الضياء و تقبع تلك البلاد في العتمة ، "تلك" العتمة ، و"ذلك" الظل ، ومزيجهما الكاذب حولي يفضحني ، ويفضح فقدا لغويا فيّ ، يزيدني في التورط اللغوي.
أوجه تحيا خائفة من سطوة ظل متشح بمادة أحيانا ، ودين أحيانا وبسلطة أحيانا أخرى.
أرواح تجهد نفسها في الكذب ، و إنتهاك الحقيقة ، تلوك السراب حقيقة ، وتجتره كذبا ، وتطرز له اللغة ،  بلاد لا تحضر إلا بقدر الإشارة في ضمير ، يخلق الحاضر سرابا بعيدا بقدر الواقع .
بلاد هي اضيق من حدود الأنوثة ، و الحب ، و اللغة ، بلاد تتمدد ، على قدر إنكماش الحب فيها  ، لتصَير اللغة فيها عجزا ، يتمدد ككائن رخو أسود لا معالم له ولا تعاريف ولا صوت ولا أبجديات ، يحيط بأهل "تلك" البلاد ، فيحيلهم  "كائنات ظلّية خرساء" معطوبي اللغة ، و الأنوثة و الحب.
اللغة التي و إن نصت على أن التضّاد ، يوضح المعنى ، يظل المعنى الوحيد لها ، أن التضاد هو الواقع و الرمز ، دون أن يحيلنا ذلك لأي معنى غيره ، فتصبح اللغة حينها دورانا في اللامكان كطقس وثني ، دورانا يختزل الإنسانية إلى مجموع حروف صوتية لا تلتقي لتكون معنى ، بقدر ما تتضاد...للتضاد ، وليذهب المعنى إلى الجحيم .
بلاد "تلك" التي تقدم هوية ، سرطانية لا تتماهى مع ذاتها إلا بضدية الآخر ، لاتوضح إلا بقدر ما توهم ، أليست وليدة "تلك" العتمة و الظل ، فيتقدس حينها الظل ، وتنهار التعاريف.

***************
اي الذوّات تتلبسني ، في "تلك" البلاد؟
مهلا.....

اللعنة على "تلك" ، وعلى "البلاد" ،بل اللعنة على "أنّاي" التي لاتملك شجاعة مواجهتي – على الأقل-  ، فتلقي على كل ماعداها "الظل و "اللغة" و "البلاد" و "الضمير" اللعنات .
 اللعنة على عجز التعاريف و التخيل ، اللعنة على الرمز و الواقع ، اللعنة على المجاز و البيان معا ،  المجاز الذي خلقته "تلك" ، و البيان الذي تعريه "البلاد" ...فكلاهما لن يحتويا "تلك" البلاد ، بامتدادها وضيقها.

*****************

أي البلاد "تلك" ، التي لا يملك أحد فيها شجاعة الاعتراف بالضوء إلا الشجر ؟
أي البلاد "تلك" التي ، تدفع أشجارها ثمن أمراض أهلها الإصطلاحية؟
أي البلاد "تلك" التي لاتملك حسما لعلاقة قديمة قدم الله ، بين الضوء و العتمة ، بين النور و الظل؟
أحسد الأشجار ، لشجاعة الإنتصاب دفاعا عني و عن غيري ، دفاعا عن حياتية الضوء ، في بلاد العتمة ، دفاعا عن معنى مهما إشتد التضّاد .
أحسد الأشجار أن إنتصبت دفاعا عن شجاعة "هذه" ، وجبن "تلك" في وصف البلاد.
أحسد الأشجار أن إنتصبت وقوفا ، في ظل ضيق الحب و الأنوثة و اللغة ، أن إنتصبت وقوفا في بلاد أضيق من "هذه" و "تلك" .

2 comments:

Jeanny Marie said...

That can be shared?

Abdulla.N said...

sure it can be shared...

the writer