Saturday 30 April 2011

بيان من د.عبدالله البياري تعقيبا على قرار الهيئة الوطنية للدفاع عن الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني

ردا على بيان الهيئة الوطنية لحماية الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني ، و الصادر بتاريخ  (27 /نيسان ابريل /2011) ، بشأن "تجميد عضوية د.عبدالله البياري" :

نظرا لما تشهده الساحة العربية من أحداث ثورية ، على العديد من الأصعدة ، لايسعني هنا إلا أن أذّكر غافلا أو جاهلا ، أو (...) ، أن الثورة -العربية- هي طقس "رفض" و "حسم" ، أي أن الثورة لاتعرف أنصاف الحلول و التعاريف ولا منطقة "الرمادي" ، الثورة العربية الحالية هي المشهد التصحيحي الوحيد على مدى زمني ليس بقليل، فالثورة التي تشهدها ساحاتنا العربية إنما هي تصحيح لغوي- إصطلاحي لمعنى الثورة في خارطتنا الإدراكية ، و عقلنا الجمعي الذي تم تشويهه على مدى القرون الماضية بفعل الكروش و الكراسي النظامية. وهنا أقدر حداثة العقل العربي نسبيا بالحرية والثورة حتى ولو كانتا حرية وثورة "لغوية" ، ولكن ضمن حدود.

حول بيان تجميد عضويتي ، وبعيدا عن عواره القانوني ، يبدو أن من صاغه ، خفي عليه أن دكتور عبدالله البياري هو الإسم الوحيد الذي تم طرحه في إقتراع سري عام ، ونجح بالأغلبية ، وذلك في المؤتمر التأسيسي للهيئة في دمشق ، أواخر العام الماضي (2010) ، في ظل لغط كبير شاب أحداث ذلك المؤتمر، وسببه أوضح من نار على علم .
ولأن بيان التجميد ، يعتمد على لغة أنأى بنفسي عن إستخدامها ، لغة بنيت على "التجني" و "الإدعاء"  وهي أوصاف أكثر أدبا وأقل صدقا من "الزور" و "البهتان" و"الكذب" إلا أنني أستخدمها لسبب سيتضح في المتن تباعا .
وحول الوارد في بيان "التجميد" ،  يتوجب عليّ الإشارة للتالي:
أولا : فيما يتعلق بما ورد من أنني قد استخدمت "لوغو" الهيئة ، سواءا بإذن أو بغير إذن ، فذلك قول لا يكفيه بعده عن الصحة و مجانبته الصواب ، إلا أنه قول –وأزيد- غير أخلاقي على الإطلاق ، وذلك لأنه في حالة إرسال أي مادة تحت شعار أو "لوغو" الهيئة ، يجب أن يتم ذلك عن طريق "الجروب" الخاص بالهيئة على الفيس بوك ، إلى جميع أعضاء الجروب ، ولكن يبدو أن من ساق هذا القول ، لم يبذل الجهد الكافي في البحث في "تطريز" تفاصيل استخدامي ل"اللوغو" ، حيث أن كل المواد التي تم إرسالها من الجروب معنونة باسم الهيئة وتحت "اللوغو" الخاص بها إنما هي مواد ثقافية وفكرية وفلسفية ، أي أنها كانت إما : أفلام ، كتب ، دوريات ، جرائد ، مقالات ، محاضرات ، نقد أدبي و غيره (وهو الخط الأهم بالنسبة لي من العمل السياسي) ، وكل تلك المواد لا يوجد بها عامل الحشد وغيره –كما كان الإدعاء كذبا - ، كما يمكنني تزويد من أراد بتفاصيل تلك المواد ، وتواريخ إرسالها و أسمائها بل وبمواعيد إرسالها ايضا ، ولكن يظل الطريق الأسهل لذلك أن يفتح كل من أراد التحقق من ذلك ، صندوق بريده على الفيس بوك.
أما المرة التي أعتقد أنها المقصودة باستخدامي ل"لوغو" الهيئة ، هي المرة التي نشرت فيها صفحة عن الثورة السورية ، على صفحة الجروب ، وهنا يجب توضيح التالي للأهمية :
صفحة الجروب هي صفحة مفتوحة لجميع الأعضاء (أعضاء الجروب ال2000 ويزيد وليس فقط أعضاء الهيئة) إلى تاريخ تلفيق الإدعاء السابق في حقي طبعا) ، وهي –كانت- مفتوحة ليتم النشر عليها من قبل أعضاء الجروب من دون أن تعبر تلك المواد المنشورة عن موقف الهيئة وهو ما يكفله حق أو زر الإلغاء و الحذف لمديري الجروب (الآدمن). أي أن تلك الصفحة التي نشرتها أنا (د.عبدالله البياري) على صفحات الجروب ، هي رأي شخصي منشور تحت إسمي الشخصي و ليس تحت إسم الهيئة أو "اللوغو" الخاص بها ، أي أنه رأي شخصي ، لا يملك أحد إنتزاعه مني إلا بالمنطق و الفكر وليس بغيره ، وتظل مساحة الإتفاق و الإختلاف موجودة ، و الأهم الإحترام ، أو هكذا كان .

ثانيا : فيما يتعلق باستخدام صفحتي على الفيس بوك للتعبير عن مواقفي ، فيبدو أن الداء "الدكّاني" قد تسرّطن فيما يتعلق بالتعامل أولا مع الهيئة ومنه إلى الجروب ومنه –بخبث- إلى صفحات الأعضاء الخاصة على الفيس بوك ،ولا أعلم إلى أين التورم بعد (؟!!) ؛ وبناءا عليه أصبحت صفحتي "الخاصة" على الفيس بوك ، منبرا للهيئة ، أو رفّا في "الدكان" ؛  يجب أن استأذن صاحبه قبل أن أنشر اي شيء عليه ، في حين ان صاحب ذلك الإدعاء – ايا كان- تجاهل أن صفحتي على الفيس بوك إنما هي تعبير شخصي عني لست ملزما بأن أستأذن أحدا قبل أن "أعبر" عن نفسي بما ينشر. بل يمكنني أن أتخيل وبوضوح أن صاحب ذلك الإدعاء – أيا كان أيضا- يتوقع أن أي "طلب إضافة" يردني في الفيس بوك إنما هو حق له هو أن يبت فيه ، أتمنى الا يتطور الموضوع أكثر فاكثر فأصبح مضطرا يوما ما أن أتعاقد معه شخصيا كوكيل حصري لخدمات الفيس بوك .

ثالثا : عن موقفي من الأحداث على الساحة السورية ، فأيا كان موقفي ، لا أعتقد انه يسوّغ الخطاب التخويني و الإتهامي القائل بتنازلي عن الثوابت الفلسطينية ، وذلك لأن الثوابت ليست معروضة في دكان احد ، وهو خطاب على علّاته و أمراضه ، أكثر ضحالة من أن يرد عليه ،إلا أنني –ومع ذلك – أصر على الإحتفاظ بحقي في تبرئة ساحتي من تلك التهم الباطلة والمعطوبة أخلاقيا ، بكل الوسائل القانونية و الأخلاقية اللازمة ،  مع التذكير على أن الطبيعة إذ نصت "أن لكل فعل رد فعل"  ، فلايجب أن ننسى أن الفعل و رد الفعل تفاعلهما صفري في النهاية ، وأنا –والكثيرين من أعضاء الهيئة- لا تجمعني بالصفرية إلا علاقة ضدية ، كما الثرى و الثريا ، وتأكيدا لذلك أضيف أن الفعل ورد الفعل من نفس الجنس ، لذا أرفض أن أتنازل عن ضديتي مع الثرى ، وأرفض التعاطي مع خطاب لايمتلك أرضية اخلاقية من الممكن أن التقي معه أو ضده .

رابعا : أعلن أنا د.عبدالله البياري ، عن تضامني مع المطالب المشروعة للشارع السوري الأبيّ في مواجهة الماكينة الأمنية ، و الإعلامية السورية (المضللة) ، و أعلن عن موافقتي للوارد في بيان المثقفين الفلسطينيين و التالي نصه :
“يدين الموقعون على هذا البيان، من العاملين في الحقل الثقافي في فلسطين، والنشطاء في مؤسسات المجتمع المدني، أعمال القتل التي يمارسها النظام السوري ضد المطالبين بالحرية والكرامة في سوريا، ويعبّرون عن تضامنهم مع أشقائهم السوريين، الذين يناضلون من أجل أن تكون سورية دولة ديمقراطية حقيقية ولكلّ مواطنيها، تُصان فيها حقوق المواطنة والكرامة وحقوق الإنسان في التظاهر والتعبير، وتمارس فيها الديمقراطية والتوزيع العادل للثروة وتُحترم فيها التعددية السياسية والثقافية، وآليات الانتقال السلمي للسلطة عن طريق صناديق الاقتراع.

“إن المشاريع القومية لا تستطيع أن تقوم بدورها إلاّ إذا كانت ديمقراطية حقّاً وحقيقةً، يشارك فيها أبناء وبنات الشعب بالتساوي في ظلّ دولة القانون، ولا كرامة للأمّة من دون الحفاظ على كرامة المواطن الفرد، ولا معنًى لحق تقرير مصير الشعوب إذا لم يكن مدخلاً لحق الفرد في تقرير مصيره الشخصي، ولن تستطيع سوريا إستعادة دورها العروبي الرّيادي ثقافيّاً وسياسيّاً إلاّ إذا استعاد المواطن السوري حريّته وكرامته.

“كما يرفض الموقعون على هذا البيان الزج باسم فلسطين والقضية الفلسطينية الذي يقوم به النظام السوري لتبرير قمعه الشعب. إن استخدام اسم فلسطين والقضية الفلسطينية من جانب النظام لتبرير قمع الحريّات في سورية يلحق الضرر بفلسطين وقضيتها. كما نذكِّر أن في سجل النظام مواقف كثيرة دفع الفلسطينيون ثمنها بالدم والدموع.

“مصير الشعوب العربية واحد والمواطنون العرب في كل مكان متضامنون في مسعى الحرية والكرامة وفي انتزاع حقوق أساسية عديدة سلبتها منهم أنظمة صادرت حرياتهم وانتهكت حقوقهم. ومن هذا المنطلق يوجه الموقعون على هذا البيان التحية إلى أبناء سورية وبناتها في هذه اللحظة الحاسمة من تاريخهم. سورية الحرّة والديمقراطية لن تكون إنجازاً مجيداً يضيفه السوريون إلى تاريخهم وحسب، بل ستكون إضافة إستراتيجية ومعنوية وسياسية كبيرة إلى حاضر ومستقبل العالم العربي، وإلى رصيد فلسطين وقضيتها العادلة.”

- كما وأعلن توقيعي على بيان الكتاب والصحفيين والفنانين الأردنيين، وفيما يلي نصه :

نحن الكتّاب والصحفيّين والفنانين الأردنيّين الموقّعين أدناه، نعلنُ انحيازَنا الكامل‘ إلى ثورة أمَّتنا، الحضاريّة، السلميّة، الراهنة، ضدَّ أنظمة الظلم، والطّغيان، والتبعيّة، والتخلف، في شتّى الأقطار العربيّة، من المحيط إلى الخليج. وإنّهُ ليؤلمنا، ويزلزلُ أرواحَنا، أن نرى دمَ أشقَّائنا السورييّن، بالذات، وهو يسفكُ بلا أدنى رحمةٍ، من قبل نظامٍ طالما حَسِبنا انّه عروبيّ، وتحرّري، ومنحاز إلى نهج المقاومة.
"وإنَّنا إذ ندين القمع الوحشيّ، الدمويّ، الذي يمارسه النظام السوريّ، ضد أبناء شعبه الأعزل، لنؤكد على أننا نرفضُ أيَّ تدخلٍ أجنبيٍّ في الشأن العربيّ السوريّ، كما نرى أن سفك الدَّم، هو الذي من شأنه أن يُخلخلَ بنيانَ أوطانِنا الداخليّ، ويضعف قدرة شعوبنا على المقاومة، ويدفع الأجنبيّ للتدخل في شؤون أمِّتنا.


وفي الخاتمة أعلن عن إنسحابي من الهيئة الوطنية للدفاع عن الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني ، وذلك إستجابة للكثير من العلامات و البشائر التي ظلت تتهاوى علي ، وظللت أتعامى عنها ، وعن تواترها ، المنبيء بواقعها الحالي ومستقبلها ، وما كان تاخري في إعلان موقفي هذا إلا تأكدا مما أصبح عيانا .

وإنسحابي من الهيئة إنما يأتي ، فيما أؤمن أنه دفاع عن إنسانية الفرد العربي ضد عقلية تشابه عقلية "موقعة الجمل" المصرية - المباركية . الإنسانية التي أعطت قضية فلسطين ولاتزال ، و هي القضية الإنسانية – أولا ، و العربية – ثانيا بعدها القيمي ، الذي لا يمكنني المقامرة به ، بعقلية ميكافيلية بحتة .
أنا "مع الانسان ضد الغول و البهلوان و الصنم" – عبدالرحمن منيف

مع خالص التحية و الشكر،
د.عبدالله البيّاري

السبت
30 نيسان / أبريل 2011

No comments: