Sunday 12 September 2010

البريغادير و المفاوضات المباشرة


لم يكن خبر تعيين "بطل حرب غزة" – كما يسميه الإعلام الإسرائيلي - البرغادير بوآف غالنت رئيسا لأركان الجيش الإسرائيلي خلفا لأشكنازي ،بعد أسبوع من إعلان وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلنتون عودة المفاوض الإسرائيلي و الفلسطيني لطاولة المفاوضات المباشرة مطلع الشهر المقبل ، مجرد خبرعار عن السياق الزمني و الميداني.

فهل يمكننا استقراء ذلك الرابط بين الحدثين (التعيين والإعلان عن العودة للمفاوضات) وكأنهما منعزلين إذا علمنا أن قرار بالتعيين لرئيس الأركان العشرون جاء قبل موعده المقرر رسميا بعدة أشهر؟ و أن أشكنازي قد سبق له رفض تعيين غالنت سكرتيرا له ؟ و أن ذلك الأخير ليس بريئا مما سمي ب"وثيقة" غالنت التي صدرت منذ فترة و التي تنال من سمعة بقية المرشحين للمنصب في صورة من صور الضرب تحت الحزام؟
إن اعتماد وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك ومباركة رئيس وزرائه نتنياهو على القوة العسكرية التي يمثلها البرغادير يوآف غالنت ، و الذي كان سكرتيرا عسكريا لأحد أكبر رجالات الحرب الإسرائيلية وهو أرييل شارون ، و هو المنصب الذي بقي فيه غالنت لمدة ثلاثة سنوات عين بعدها قائدا للمنطقة الجنوبية –بما فيهاالقطاع- وهو المنصب الذي لايزال يباشره حتى الآن ، جدير بالذكر أن غالنت هو أحدمهندسي حرب غزة وهو أحد أهم الداعين لمنهجية "القبضة الحديدية" في التعامل مع حماس و المقاومة ، ناهيك طبعا عن ارتباط اسم جالنت بغزة وجنين.

إن الاعتماد الإسرائيلي على ذلك "البطل" ، لا يمكن أن يتم تحليله و استقراؤه بمعزل عن الشروط الإسرائيلية التي حددها نتنياهو للعودةللمفاوضات المباشرة و التي أسماها باللبنات الأمنية التي تستلزم "طرفا فلسطينيا شجاعا" لتحقيق السلام :

*.السيطرة الكاملة على حدود ما أسماها بالدولة الفلسطينية منزوعةالسلاح و السيادة و بالذات الحدود الشرقية لمدة لا تقل عن ال15 عاما ، وذلك منعا –للمستحيل- وهو تواطؤ أردني – فلسطيني، هذا من دون الإشارة إلى الأطماع الإسرائيليةفي منطقة غور الأردن ، ومايمثله ذلك الشرط من حالة توتر لا تقل عن تلك التي سببتهاتصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي السابقة عن فكرة الوطن البديل و ما تكرر أيضا فيالحالة اللبنانية بعد إقرار قانون الضمان الإجتماعي لللاجئين الفلسطينين في لبنانوما سببه ذلك من ردود أفعال و إن إختلفت درجاتها في البلدين.
*. فإذا كان نتنياهو كما يرى المعلق السياسي ألوف بن من صحيفة هآرتس الإسرائيلية هو بخلاف قادة الليكود السابقين و الذين كان همهم الأول هو النشاط الإستيطاني وفعاليته ، فنتنياهو يأخذ الحيز الأمني لديه الأولوية الأكبر ، إلا أن ألوف قد خفي عليه أن الشرط الذي قدمه نتنياهو على أنه أهم الشروط و المؤسس لها وللمفاوضات ككل وهو"الإعتراف بيهودية الدولة" ، يخلق للمفاوض الإسرائيي نوعا من الأمان الديموغرافي على محورين :

- الأول عرب ال48 وهم اللذين ستسقط عنهم الجنسية الإسرائيلية و تسقط عنهم جميع حقوقهم المدنية بدعوى مخالفتهم القانونية للمبدأ المؤسس للمواطنة في تلك الدولة ، و هم الذين وصفهم البعض بالطابورالخامس ووجودهم هو كما القنبلة الموقوته في جسد الدولة الإسرائيلية.

- الثاني : اللاجئين و هم أيضا سيسقط عنهم حقهم في العودة لدولة اعترفت قيادتهم بيهوديتها ، حيث عقب نتنياهو على تلك النقطة قائلا :"حل قضيةعودة اللاجئين يجب أن يتم على تخوم الدولة الفلسطينية .

وهو ماسيخلق سببا وجوديا لاتنقصه الشرعية لإكمال عمليات التهويد والإستيطان ، وهو ماعجزت الكاريزما الأمريكية الملونةعن إيقافه ، وكذلك التهديدات التي أصدرها السيد ابو مازن و التي لم تكن إلا مجموعة من الظواهر الصوتية ذات الترددات القصيرة ، وكلاهما يعلمان أن الأنشطة الإستيطانية وإن لم تشهد مناقصات أوعطاءات ميدانية جديدة إلا أنها لم تتوقف ، بما في ذلك هدم البيوت و تشريد اهلها ونفيهم خارج الخط الأخضر ، وهو نوع من فرض الحقائق على الأرض ، و التي لم تنقصهاالصراحة الإعلامية الإسرائيلية الرسمية التي صرحت أن فكرة التمديد لتجميد الإستيطان (؟؟؟)و المحدد لنهايتها السادس و العشرين من ايلول 2010  "غير مطروحة".

إن موافقة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية و المباركةالعربية على الدخول لتلك المفاوضات المباشرة مع العدو الصهيوني على "لبناتهاالأمنية" المطروحة اسرائيليا و المقبولة أمريكيا و رباعيا ، وإن كان قد قوبل برسائل"خطية" وصلت لأطراف الرباعية من السيد أبو مازن يؤكد إلتزام الطرف الفلسطيني بمرجعية مدريد وخارطة الطريق و التي منها عودة اللاجئين ، و العودةلحدود ال67 ، و المعابر ، و المياه ، و القدس ، والإفراج عن المعتقلين الفلسطينين تحت سقف زمني قدره 12 شهرا على الأكثر، ألا يعد في أكثر الأدبيات السياسية رزانة ورصانة نوعا من تضييع الوقت و الأمل (كأقل الخسائر) ، وهل وصلت قيادة منظمة التحريرالفلسطينية من العمى والجدب أن لا ترى حضور العسكر ، و جملة قوانين إسرائيلية ليس أقلها"قانون شاليط" الذي يغتال جميع حقوق المعتقلين الفلسطينين الآدمية والإنسانية التي أقرتها لهم جميع الأعراف و القوانين الدولية و منها إتفاقية جنيف وكذلك  قانون "أملاك الغائبين" الذي يهب فعليا البيوت المقدسية لإسرائيلين ، ألا يحمل الدخول في المفاوضات المباشرة على تلك الأسس و المرجعيات الإسرائيلية شرعنة الإحتلال وسيطرته على الحدود بما في ذلك خنق القطاع الغزي في أكبر جريمة إنسانية يشهدها التاريخ الإنساني المعاصر ، وكذلك سلب اللاجئين حقهم في العودة وهو مالايسقط لا بالتقادم و لا بالمفاوضات ولابالإستفتاءات النيابية لأي مجالس تنفيذية كانت ، وأي جزء من الرقم 70,000 هو عدد من نفتهم اسرائيل لقطاع غزة يصعب تفسيره؟
إلى أين تقودنا تلك المفاوضات و ألا تتبدى مظاهرها الأولية واضحة؟؟


1 comment:

Abdulla.N said...

رابط المقال على صفحات مجلة عرب ال48

http://www.arabs48.com/display.x?cid=7&sid=25&id=73285



رابط المقال على موقع الهيئة الوطنية للدفاع عن الثوابت الفلسطينية:

http://www.palthawabet.org/ar/newsDetails.php?newsId=321&classId=15&page=1&Next=1