Tuesday 16 November 2010

انقلاب حزب العمل : "معهم ولاّ علّينا"؟؟

لابد أن تستوقفنا الأحداث الأخيرة الجارية في أروقة "حزب العمل" الإسرائيلي، وذلك بالتوازي مع بعض الأحداث على الساحة الامريكية –بالذات بعد انتخابات الكونجرس الأمريكية-، وانعكاسات كل ذلك عالميا وعربيا – بالأخص. حيث يتعرض زعيم حزب "العمل" ووزير الأمن الإسرائيلي إيهود باراك، لشبه إنقلاب منظم داخليا، لن يمر باعتباره شأنا داخليا فحسب، إنما وبإعادة تعليب وتصدير لما اسماه نتنياهو "الجدية" في البحث عن السلام، يمكننا القول:

حزب العمل الذي يتزعمه إيهود باراك هو طرف في الحكومة الإئتلافية الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو، وللحزب 13 مقعدا في الكنيسيت، إلا أن تلك المشاركة لم تمنع تصنيف الحزب رابعا على الساحة الإسرائيلية، وهو ما يعد تدهورا غير مسبوق، بدأ منذ إنتكاسة الحزب في ال2001، التي بدأت بالإطاحة بباراك من سدة رئاسة الحكومة لصالح جنرال الحرب أرييل شارون، وتغيير ستة زعماء للحزب في ثمان سنوات، ومغادرة أهم رموزه : الرئيس السابق له شيمون بيريس، وحاييم رامون، وداليه إيتسيك، وهو ما صرح به الأمين العام السابق للحزب إيتان كابل قائلا: "إن حزب العمل قد ضلّ طريقه منذ سنوات، وباراك ليس إلا حفّار قبور".

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تقافمت تباعا الأمور، ليتحد زعيم نقابات العمال (هستدروت) في إسرائيل عوفر عيني، و الذي كان من أبرز الداعمين لترشح بارك لرئاسة الحكومة والحزب، مستغلا الضغط الميداني للإضراب الأخير للنقابات والذي كاد أن ينتهي بإسرائيل لحالة من "الشلل التام"، جنبا إلى جنب مع وزير الصناعة و التجارة بنيامين بن إليعازر (صديق الأمس)، في المناداة "بخلع" باراك من رئاسة الحزب ونزع الثقة عنه، وهو ما أعلنه الأخير في مؤتمر مع أنصاره، وهو المعروف بصلاته النافذة داخل الحزب.
 ما يهمنا من كل تلك المستجدات، و التي من السابق لأوانه القطع أو الجزم بنهاية تلك الحروب الداخلية في الحزب، أو حتى تحديد المنتصر داخله، و إنعكاس ذلك على الحكومة الإئتلافية بدرجة أقل، هو علاقة كل ذلك بالمسألة الفلسطينية الإسرائيلية في جانب محادثات السلام منها، وهنا يجدر الإشارة إلى التالي:

إيهود باراك يمثّل بجثة الشهيدة دلال المغربي

* دور رئيس الحكومة الإسرائيلية:
حيث يعمل نتنياهو على توظيف شعبية باراك كوزير للأمن، باعتباره "سيد الأمن"، كما إعتبره العديد من الإسرائيليين في إستطلاعات الرأي، باعتباره أكثر العسكريين الإسرائيليين تتويجا بالأوسمة لكثرة العمليات العسكرية التي نفذها خارج حدود الدولة العبرية، والتي كان منها المشاركة المباشرة في عمليات تصفية لقيادات في المقاومة الفلسطينية، وإن كانت تلك الشعبية آخذة في الإنخفاض، بحسب آخر استطلاعات الرأي منذ ثلاثة أسابيع. ذلك التوظيف لما يمثله الحزب باعتباره "معسكر السلام"، إنما يعمل على تقديم الإئتلاف الحكومي الحالي برئاسة نتنياهو على أنه قبة جامعة لمختلف أطياف الشارع الإسرائيلي نحو هدف واحد وهو السلام، وذلك ما يمكن إستشفافه من عرض نتنياهو الأخير للإدارة الأمريكية : الجاسوس (دلمار) مقابل إيقاف الإستيطان.

* توظيف دور الشارع الإسرائيلي:

وبالذات المؤيد لإستمرار العملية السلمية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهو معسكر الدعم لحزب "العمل"، والذي إصطف إلى جانب إليعازر وكابل وعيني، وهو ذات الفريق الذي – بحسب وصف الغارديان البريطانية – يمارس ضغوطا على الحزب بقيادة باراك " لتفضيله وزارة الأمن في حكومة يمينة متطرفة على حساب مصلحة الحزب والتي تقضي بأن يكون في صفوف المعارضة بصفته قائدا لمعسكر السلام ليقترح على الناخب الإسرائيلي بديلا لحكم اليمين".

ويجدر هاهنا القول، أن تلك الإنتقادات طالت ايضا وزراء "العمل" اسحق هرتسوغ وزير الرفاه و الخدمات الإجتماعية، و أفيشاي برافيرمان وزير شئون الأقليات – و المعارض لقانون قسم الولاء وتبعاته الأربعة عشر-، لبقائهما ضمن الإئتلاف الحكومي الحالي، حيث اشار كابل : "لا يمكن للحزب أن يرمم نفسه وهو داخل إئتلاف حكومي لا تأثير له فيه".

إيهود باراك يمثل بياسر عرفات أو العكس

* دور رموز البيت الأبيض والولايات المتحدة الأمريكية والدولية:

وهو لا يختلف عن الدور الإسرائيلي في تصدير صوت الشارع المختزل لحساب مصلحة القيادة والسياسة العامة الإسرائيلية، إلا في الصياغة لا أكثر لا أقل، وذلك بالقفز فوق عديد الأسئلة الحيوية، التي تعري تفاصيل العملية السلمية منها للمثال لا الحصر: ما موقف أحزاب الإئتلاف الحكومي في إسرائيل من الحقوق/القضايا الرئيسية للشعب الفللسطيني؟ وما مرجعية المفاوضات للمفاوض الإسرائيلي و الفلسطيني كذلك؟

وقد كان أحد إنتاجات هذا الدور مقال للرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلنتون في صحيفة النيويورك تايمز، بعنوان: "أكملوا عمل رابين"، ومدى إنعكاس ذلك التصدير، ومثاله الآخر: المساعي البريطانية لتعديل قانون ملاحقة مجرمي الحرب، والتي مرت مرور الكرام على ديبلوماسياتنا العربية، ومثاله المتوقع قريبا: خبر إنسحاب إسرائيل من النصف الشمالي المحتل من قرية الغجر المحتلة.

لذا سيظل في النهاية سؤال : إلى متى تظل العقلية العربية عموما والفلسطينية خصوصا في إطار (رد الفعل)، والذي وللأسف حتى ذلك الرد لذاك الفعل لا يعدو كونه تمنعا على إستحياء، ومنه لموافقة عمياء.

______________________________________________________________________________________________

رابط المقال على صفحات عرب ال48:
http://www.arabs48.com/?mod=articles&ID=75442

رابط المقال على صفحات المركز الفلسطيني للتوثيق و المعلومات:
http://www.malaf.info/?page=show_details&Id=7702&table=p_newsp&CatId=8

No comments: