Saturday 18 July 2009

الوجه أول الإنسان لا الجسد : المرأة و الحجاب وجغرافية الجنة



****************************************************

رمزية خلق آدم قبل حواء لا يجب أن تخرج من كونها رمزية إنسانية لتصبح رمزية جنسية ، لأنها وإن كانت كذلك ، فلن يتسنى للسيد آدم ( أن يعلم الأسماء كلها.) لأن الكثير من تلك الأسماء (و الأسماء هنا إشارة رمزية للعلوم) ، لها شقها الأنثوي من التعاريف و الصفات و الهيئات و الميكانيكيات وما إلى ذلك . هذا من ناحية ، كما أن الإنسانية (متمثلة في آدم و حواء معا ) فهي لن تعلم الاسماء كلها إذا كانت آدم و من ثم حوا ، فالإنسانية لاتتجزأ ولا تزدوج.

فالمرأة و/أو الأنثى – إحتراما للفرق - ، هي الإستثمار الأسمى إنسانيا ، كما أنها الأرقى إنسانيا تبعا لكونها تملك العاطفة الأقوى إنسانيا و هي الأمومة و الأكثر تأثيرا على الجنس البشري، تلك العاطفة التي لم تتجاهلها نفس النصوص الدينية التي تترجم لقمع المرأة ، كما أتت على ذكرها الإنسانية بعلومها و آدابها وأساطيرها وفنونها و حضاراتها. وذلك لأن الأنثى تتمتع بطبيعة هرمونية مختلفة عن الرجل ومميزة لها بما فرضته من غنى فكري و عاطفي و ذكاء إنساني مرتبط بزخم التأثير الهرموني فيما أثبته علم النفس و الإجتماع و التاريخ.

وكما أسلفت في مقال سابق* عن علاقة الحجاب و الهوية الإنسانية ، فههنا أعيد مناقشة تلك العلاقة إستنادا على رمزية وجود آدم و حواء الإنسانية. حيث لا يمكن إعتبار الهوية الأنثوية إمتداد لظل الهوية الذكورية ، بإعتمادها التحجب إرجاءا لسفورها لزوجها في تمثيل مسرحي مسبق لفكرة الحور العين في الجنة و ذلك تطبيقا للترجمة الأصولية الفهم للفكرالإسلامي لجغرافيا الجنة.

و كأن جمالية الأنثى ليست إستحقاقا إنسانيا بذاته خارج كونه إستحقاقا ذكوريا ، بمعنى آخر إن فكر " التحجب " للمرأة هو – في أحد ترجماته – ماهو إلا حرز للإحتفاظ بالعناصر الجمالية للطبيعة البشرية ملكية حصرية (لمن يستحقها) ، و ليست جزءا من الطبيعة الإنسانية البشرية و البيولوجية للمرأة.

هذا أولا ، أما ثانيا ، فلا يمكن إيراد النظرة الأنثوية لتفوقها الإنساني في صورة : أن الذكر كائن شهواني ، تحركه نداءاته الغرائزية مابين سعيه إلى جنة حور العين و جنس جناني دائم العذرية حيث السفور المطلق له فقط جزاءا له على أعماله الخيرة في الدنيا و التي كانت المرأة ونهر اللبن والعسل و الفواكه مما تشتهي الأنفس ثوابا له ، و بين مطابقة ذلك على الأنثى و المرأة في الدنيا داخل نطاق الجنس لتحجب جمالها لمن يستحقها لمقاومته غرائزه التي تقوده ، فتكون هي الجائزة وليست النصف الآخر من الإنسانية. لما في ذلك من تحجيم العلاقة: الرجل- المرأة ، الدنيا- الآخرة في إطار جنس – جنس ، بينهم جميعا الموت خطا فاصلا ، ويميزهم الإختلاف في التحجيم و الأطلاق. مما ينتج النظرة للمرأة بوصفها (وعاءا) أو (رحما) أو (سريرا) ضمن في صورة مادية الملكية أو مادية المكافأة ليس إلا .

إن ذلك الإختصار لا يمكن القبول به لما فيه من نفي لإنسانية المرأة ككائن بشري و من ثم إقتصار أنوثتها ضمن الطبيعة البيولوجية فقط ، كأداة جنسية بحتة ، ومصدر إمتاع يؤمن للرجل زينة من زينتي الحياة الدنيا وهي البنون ، ليصبر على دنياه لحين مكافأته في الجنة بمقياس أكبر.

أما إذا كانت النظرة من طرف الذكر للتفوق الإنساني للمرأة ، فالحجاب قهر للمرأة و الأنوثة لضمان إحساس بالسيطرة و القوة الذكورية على الطرف الأسمى إنسانيا و الأقوى إجتماعيا ، مما يغذي إحساسا كاذبا بالأفضلية و التفوق ، فالحجاب هو تقويض لحرية الفكر الأنثوي ضمن السور الذكوري للفكر والتعريف المادي المحدود وتراتبيته الكاذبة :ل(للرجل ثم المرأة) في رمزية جنسية لمسألة خلق آدم وحواء ، وكأنها ليست جزءا متفردا من الإنسانية و الرقي الإنساني.



إن خضوع المرأة لذلك التحجب ، ماهو إلا إعتراف ضمني ، بالتسيد الكاذب للرجل و أحقيته في الإنسانية . فمن
المثير للحزن و التساؤل أن نجد التبريرات الأنثوية لفكرة الحجاب لا تخرج عن كونها تطبيقا لأفضلية الإنسانية الذكورية
و مادية الطرف المؤنث وتبعيته، ومن تلك التبريرات
:
1. المرأة هي الكائن الأذكى و الأكثر إحتمالا عن الرجل : مما يجعلنا نتسائل أين العدل و المنطق في إخفاء أو حجب الطرف الأسمى من الإنسانية لمجرد تميزه عن الطرف الآخر الذي لم يخرج هو أيضا عن طبيعته.

.2. لحماية المرأة من الذكر الشهواني : ألأن الرجل كائن تقوده غرائزه (وذلك عار عن الصحة) ، يتم تقييد و حجب الطرف الأسمى الذي لاتقوده غرائزه بقدر إنسانيته ، عقابا له على طبيعة الآخر . كما أن ذلك التبرير مرفوض منطقيا لأنه يضع علم الأسماء كلها في يد الطرف الحيواني المساق بالشهوة
.
إن تلك النظرة وما تفرخه من ألفاظ دالة على إزدواجية المعايير ، فيما يختص بالرجل حسن المظهر ، وتجمل امرأة سعيا للجمال ، ليصبح حينها الجمال الذكري إجتهادا وسموا ، وتجمل الأنثى( تبرجا) ، مما يعطي الجمال الإنساني وجها ساميا وآثما في آن ، مع أن الأنثى هي دوما العنصر الأجمل من الإنسانية ، لتمد نيران الإثم و الخطيئة تلك لمن ينظر إليها ، في رمزية هرمونية وجنسية بحتة ومجحفة.

مما ينقلنا لتأثير ذلك على الوعي الجمالي ، أو الحس الإنساني للجمال ، فإذا إستطعنا حجب العنصير الأصيل للجمال الإنساني ، فلن يكون من المطقي المطالبة في زمن المادة بإستشعار الجمال ، وذلك لأن الجمالية الطبيعية لايمكن أن تأتي موتورة ، فجمالية الشمس و السماء و الحرية لاتنفصل عن هويتها الأنثوية و التي نبعت من حواء.
كما أن الربط مابين الحشمة (بدون حجاب) والتبرج و العري في كفة والحجاب في الكفة المقابلة والصائبة دون الأخرى ، هو عار عن الصحة تماما ، لأن حماية الجمال الأنثوي ليس بالحجاب فقط ، كما بينت إحصائيات الواقع المحتجب المرير و علم الإجتماع و علم النفس في توضيح مسببات الكثير من الأمراض الإجتماعية و النفسية الفردية و الجماعية.


.3 لأنه أمر : وذلك فيه مخالفة واضحة و إهانة لما ميز الإنسان دوما وهو: العقل الذي طلب منا إعماله بأول كلمة في الد ين الإسلامي : (إقرأ) و آخر حديث ، حيث في كون الدين الإسلامي آخر الأديان دعوة حرة و صريحة وواضحة لإعمال العقل لأن الله قد إكتفى و لن يرسل رسلا تمسك يد البشر لبر الأمان ثانية ، إعمال عقل له مدار حرية أوسع من سماوات سبع و أراضين سبع ، حرية حدودها جنه ونار ، وبينهما العقل.



ومن هنا يطفو على السطح لدي سؤال : هو هو حجاب على الرأس أم العقل؟؟؟

**************************
*********************************************************


هنا وجب علي القول لأن الكثيرين سيرفضون هذه الكلمات والأفكار ، أن الأجدر بالوعي الإنساني الإرتقاء لمستوى الفكرة ، فلا يجب ربط الفرد بكل إختياراته وهوياته و أفكاره و تاريخه ، ليتمثل لدينا في فكرة وحيدة قابلة للرفض أو القبول ، ليصبح هو أيضا قابلا للرفض أو القبول في أعنف صور التقابل الإنساني . فرفضي للحجاب كفكرة ومبدأ وطقس لايعني رفضي لشخص الفرد ولا إنتقاصا من حريته ، ولا حكما على كل مكنوناته وتأثيراته وأفكاره و هوياته ، برجعية فكرة واحدة تبناها أو نفذها.

ومن هنا ينبع الإيمان بأهمية الفكر الإنساني الحر والذي يضمن تطور الإنسانية ، ذلك الفكر القائم على حرية(الإستقصاء) لاعنف (الإقصاء) ، على حرية (التفكير) لاظلامية (التكفير) .

ولأن المقولة الصوفية تقول :( لا يعرف الله إلا بالله) ، فالله لا يمكن أن يعرف معرفة نهائية ، فمعرفته نوع من الكشف المتواصل ، وذلك سر الإنسان نفسه ، فلو كان الإنسان يعرف كل شيء لبطل أن يكون إنسانا.

لذا إسمحوا لي أن أمارس إنسانيتي
...بحرية.

1 comment:

Abdulla.N said...

هنا وجب علي القول لأن الكثيرين سيرفضون هذه الكلمات والأفكار ، أن الأجدر بالوعي الإنساني الإرتقاء لمستوى الفكرة ، فلا يجب ربط الفرد بكل إختياراته وهوياته و أفكاره و تاريخه ، ليتمثل لدينا في فكرة وحيدة قابلة للرفض أو القبول ، ليصبح هو أيضا قابلا للرفض أو القبول في أعنف صور التقابل الإنساني . فرفضي للحجاب كفكرة ومبدأ وطقس لايعني رفضي لشخص الفرد ولا إنتقاصا من حريته ، ولا حكما على كل مكنوناته وتأثيراته وأفكاره و هوياته ، برجعية فكرة واحدة تبناها أو نفذها.

ومن هنا ينبع الإيمان بأهمية الفكر الإنساني الحر والذي يضمن تطور الإنسانية ، ذلك الفكر القائم على حرية(الإستقصاء) لاعنف (الإقصاء) ، على حرية (التفكير) لاظلامية (التكفير) .

ولأن المقولة الصوفية تقول :( لا يعرف الله إلا بالله) ، فالله لا يمكن أن يعرف معرفة نهائية ، فمعرفته نوع من الكشف المتواصل ، وذلك سر الإنسان نفسه ، فلو كان الإنسان يعرف كل شيء لبطل أن يكون إنسانا.

لذا إسمحوا لي أن أمارس إنسانيتي
...بحرية.