Thursday 2 July 2009

لا تسبوا الدهر


لطالما تساءلت ، لماذا ( الدهر)؟ لماذا لم تكن الفضيلة أو الكون أو الجمال ، أو أي شيء آخر؟
لما الدهر؟؟
ظل ذلك التساؤل يكبر و يكبر في الفضاء حولي ، حيث أراه في كل شيء ، ما المميز في الزمن ليختصه الله (الكينونة الأرقى) يالذكر وبرباط القدسية دون غيره؟

الزمان و المكان هما الشيئان الأساسيان في الحياة ، فهما ليسا الحياة بذاتها ولكنهما حدودها وليس فعلها... سأشرح:
ليس لدى الإنسان حاسة خاصة بالزمن ، لذا فالإنسان لايستطيع – في الغالب - الفصل مابين و حدة الزمن و الحدث/الحركة التي تتم في تلك الوحدة ،أي أنه ليس بمقدوره الإحساس بالزمن مجردا ، مما قصر التعريف الإنساني للزمن على أنه الإطار المحيط بالحدث / الحركة ، ونتج ذلك القصور عن فكرة تقسيم للزمن لوحدات غير متناهية.
ومع ذلك فإن الإنسان لم يتغلب على تلك النظرة القاصرة للزمن بالتقسيم بقدر ما زادت تلك الفكرة من قوة الرابط مابين الزمن و الحدث/ الحركة فيه ، لينتج الربط مابين إتجاه الحدث / الحركه و إتجاه الزمن ، بكلمات أخرى : إذا سار الحدث / الحركة بالعكس سار الزمن بالعكس ، من أمثلة ذلك كان سوبر مان يطير بعكس إتجاه دوران الأرض ليرجع الزمن فينقذ فتاته ، ولأن تلك النظرة للزمن ضمن حدثه فقط هي نظرة قاصرة وخارجة عن حدود المنطق فإنها لم تتعد أفلام سوبر مان و لم ترقى لفكرة آلة الزمن .
من الأمثلة التي الموضحة لذلك الإفتقار الإنساني للإحساس بالزمن: (قال كم لبثتم ، قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم، إسأل العاديين) فأهل الكهف لم يتمكنوا من مواكبة الزمن بمعزل عن أحداثه لعجزهم عن الإحداث أو الحركة من خلاله كونهم كانوا نياما .

للزمن أوجه عديدة ، و لأن الإنسان منا كما ذكرت لا يملك حاسة للزمن ، فإن ذلك – في نظري – حرر الزمن من الكثير من محدودية التعاريف و المقاييس و المميزات الإنسانية القاصرة ، وأضفى عليه غموضا ليس أقل من أن يكون دعوة واضحة الإغراء للتفكر فيه و الإستفادة منه ، و إلا لما كان من الأشياء التي سيسأل عنه العبد يوم القيامة.

سأضرب مثلا - أعتذر عن بدائيته – للزمن يجمع الإنسان و الذبابة : فعمر الضربة التي نوجهها للذبابة لا يتعدى أجزاءا من الثانية ، و لكن الذبابة تهرب دوما ، مع أن متوسط سرعة الذبابة 5 كلم/ساعة بينما الإنسان يزيد متوسط سرعته عن 8 كلم/ساعة ، وبإعتبار المسافة المقطوعة ههنا أقل في أغلب الأحيان عن ال 50 سنتيمترا ، إذن فالمنطق يقول أن الغلبة للأسرع ، و بما أن وحدة الزمن ثابتة للطرفين وهي بضعة أجزاء من الثانية ، إذن فما الذي حدث؟؟
هربت الذبابة.
المتغير ههنا مع وجود كل هذه الثوابت هو إحساس أو إستيعاب الزمن – الثابت بوحدته - بالنسبة للطرفين ، فما يبدو للإنسان وهو الكائن الأرقى في هذه العلاقة أجزاءا من الثانية قد يبدو أكثر من ذلك للكائن الأدنى ، الذبابة ، لذا كان الإستيعاب أو الإحساس بالزمن مختلفا بالرغم من ثبات وحدته.

لنأخذ مثلا آخر ، فعل كفعل (النسيان) و الذي لايوجد له محور مادي ، لا يمكن فصل فعل (النسيان) عن الزمن وإلا لم يتحقق ، و لكن يمكننا فصل الزمن عن النسيان فلا يتغير في الزمن شيء ، كذلك لايمكن فصل فعل الشيخوخة عن الزمن و إلا سقطت في هوة المستحيل . وحتى فعل (الحب من أول نظرة) لا ينفصل عن الزمن ، وهو هنا عمر تلك النظرة الأولى ، بينما يمكن فصل الزمن عنهم جميعا .
بالقياس على الكثير من الأمثلة و التجارب الإنسانية سنجد أن الزمن هو البعد الأكثر أهمية ، إن لم يكن الأهم على الإطلاق و الذي يمكن من خلاله تشريح كل الأفعال و التجارب الإنسانية و حتى الثوابت.

لنأخذ مثالا آخر يشرح الفكرة بتبسيط أكثر ، وهو (الفيمتو ثانية) إكتشاف الدكتور زويل:
فخلال عملية الإنقسام الخلوي تتم مضاعفة الكروموسومات (الأحماض النووية ال DNA) في زمن قدره (فيمتو ثانية) ، ولا أنوي الخوض في بيولوجية تلك العملية ، بقدر ماأريد أن أوضح أن تلك العملية هي من الصعوبة و التعقيد لدرجة يستحيل فيها أن تحتوي زخمها وحدة زمنية بالغة الدقة و الصغر (؟!!) و هي الفيمتو ثانية.
وذلك إذا تخيلنا تلك الوحدة الزمنية على أنها مربع في المستوى (A) و بداخله تتم تلك العملية ضمن بعدين إثنين فقط هما (X) و(Y) للمستوى (A) ، فإن ذلك التخيل للزمن لن يستوي ودرجة تعقيد تلك العملية ، أما لو كانت تلك الوحدة هي عبارة عن مكعب ذو ثمانية أسطح في الفراغ ثلاثي الأبعاد ، فإنها قادرة على إحتواء ذلك الحدث/الحركة.

أعلم أن نظريتي تلك ليست قوية الأركان علميا بالقدر الكافي ، بل أنني لم أستفض في بحثها علميا و فلسفيا ، و لكنها أوجدت لدي تفسيرا مقنعا للغاية فيما يختص بأكثر الأمور التي تحيرني دوما و حتى فترة قريبة منها مثلا:
الآية قرآنية : (يدبر الأمر من السماء إلي الأرض ثم يعرجُ إليهِ في يوٍ كان مقدارهُ ألف سنةٍ مما تعدون ) - ، و لكن تفسيرها بالنسبة لي بناءا على فرضيتي السابقة ، بأن الوحدة الزمنية الواحدة بين طرفين – وهما هنا الله الكينونة الأرقى و الإنسان - تختلف بإختلاف قدرة كل منهما على إستيعاب و إحتواء تلك الوحدة الزمنية كل ضمن حدود رقي كينونته .
ومقولة أن الله تعالى قد خلق الكون في ستة أيام ، وهذا الإدعاء بالذات كان مايلبث أن يخرج خارج نطاق منطقي الإنساني الفيزيائي البحت و البسيط لأنه يتنافى و درجة رقي ذلك الكون و إبداعه و روعته و جماله لأن يخلق في ستة أيام فقط . لأجد نفسي و بناءا على فرضيتي أجد قناعتي التي لم تسعفني بها كتب الدين ورموزه وحراسه ، ولا حتى (كن فيكون).

2 comments:

This Unicorn is Hardcore said...

Wow! I really enjoyed reading this.I have to say, its a very interesting theory, and it makes a lot of sense to me.I'm glad I checked your blog today.
keep em coming!

Abdulla.N said...

you are most welcome enas..
i want you to read
نور و نارو طين
and tell me what do you think..