Saturday 6 June 2009

كائن حبري في عالم من ورق



تحيط به الكتب و الروايات من جميع الجهات ، ينظر مليا في أوجه رواد الماكن من حوله فيرى مايقرأونه على وجوههم كصفحة الماء ،كل في عالمه...
ترحل به الموسيقى في المكان إلى حيث تريد و يريد ، هو يعشق المكان هنا ، ذلك الجو المليء بالحكايا و الأحلام و الأفكار والتقاطعات و الخطوط و الآلام بحبرعلى ورق لأناس و كائنات حبرية تعيش في صفحات على أرفف..لقد أتى إلى هنا هربا من تروس حياة لاترحم ، جاء ليحيا حياة أخرى بين دفتي حياة على رف ، قلة من يحظون بفرصة ثانية ، فحياة واحدة لا تكفيه ، يبحث عن أرض جديدة ، فمن إبيضت كتبه إبيضت راياته..
أراه يقترب مني عيناه تجولان سريعا بين عناوين الكتب من حولي ، تتوقف عند بعضها وسرعان ماتكمل رحلتها ، أصابعه ترتحل مع عينيه ، ولكنه يتوقف عندي ، إصبعه يسحب روايتي من طرفها ، لاأعلم مالذي جذبه فيها ؟ أهو الغلاف؟ ذلك الغلاف الشديد البياض ، الذي بدون إسم لرواية أو لكاتب أو لدار نشر أو تاريخ إصدار أو حتى إهداء..لاأعلم.
حسنا هاهو يتصفحها تائها ، و لكن متى توقف في صفحة ما سأذهب إليه حاملا كل الحكايا و الأشخاص و المواقف و الكلمات و الصور لأرصها أمامه لأغريه أن يأخذ روايتي فيدخل هو حياتي أو أدخل أنا روايته.
أنا هنا أعيش حياتي صفحة صفحة لا يوما بيوم ، جميع من قابلتهم هم كائنات حبرية، مثلي، لهم ضرورتهم الدرامية في الرواية ، أكسبتني هذه الحياة الورقية ككائن حبري جمالية الحياة على الورق بكل مافيها من أحداث مؤلمة محزنة أو حتى مفرحة...فكل له قيمته على الورق ، فلولا جمالية الخيانة لما إزداد الوفاء جمالا، أيضا على الورق ، في عالم من حبر ، وقس على ذلك جميع الأضداد في الحياة.
صحيح أنني لاأعلم أين يريد أن ينتهي بي الراوي ، ولا خط سير رحلتي في الصفحات المتبقية ، و لابمن سألتقي بعد ، و لكنني أعلم أن فن الرواية له جاذبيته حتى لواختتم بموت البطل ، وإن كان الكائن الحبري كائن خالد ، هذا إن جاز لي أن أعتبر نفسي بطل هذه الرواية الغير مكتملة ، فقد أكون مجرد شخص عابر في حياتي التي أريد لها أن تكون مسرحا لبطولة غيري.
ألمح في عينيه تساؤلا عميقا رددت صفحاتي صداه..
- أين بقية الأحداث؟ لم كل هذه الصفحات البيضاء؟ أين بقية الرواية؟
- على مهلك الرواية لم تكتمل بعد...
- إذن كيف وضعوها على الرف وهي غير مكتملة بعد؟؟
- أخفض صوتك ، فأنا من وضعها هنا لأدخل حياتك و حياة غيرك فأكمل بها صفحات بيضاء أمامك و أمامي.
- وماذا عن العنوان؟
- ..........................

..............


نغرق سويا في لحظة يأس ، فتسقط تشبيهاتي و حكاياتي و كلماتي و صوري من يدي لتتناثر نقاطا من حبرعلى صفحتي ...و قميصه..
فيغلق الكتاب و يعيده إلى مكانه بين الكتب على الرف ، ويرحل ، فأعود أنا لنافذتي بين دفتي كتابي لأراه راحلا عني...

- خائف آخر

6 comments:

Unknown said...

finally :)

Unknown said...

i love this one so much, whenever i read it, i feel the tension and the responsibility of being a book

moray said...

am speechless

Abdulla.N said...

thank you guys..

Maisa M. Rahman said...

"أنا هنا أعيش حياتي صفحة صفحة لا يوما بيوم ، جميع من قابلتهم هم كائنات حبرية، مثلي، لهم ضرورتهم الدرامية في الرواية" a very nice piece

Abdulla.N said...

thank you maisa...thats me كائن حبري في عالم من ورق