Saturday 6 June 2009

الوجه أول الإنسان


الوجه أول الإنسان...

الإنسان هو حضور الله على الأرض ليس الوحيد طبعا و لكنه الأعظم ،هو الحضور الأقوى بإبداعاته وإختياراته و حضاراته ، و فنونه..ولكن متى أخذت منه أولى عناصر ذلك الحضور فالأجدر بنا ألا ننتظر إبداعا ...ألا وهو الوجه ذلك العنصر الأول للإنسان.
فحضور الإنسان الأول في وجهه ، هو نافذته الأولى على العالم خارج ذلك العالم ، أو ذلك الكيان ، ال(أنا) ،فبمجرد قدومه لكوكب الأرض يقال (هو\هي يشبه...) و كلمة هو\هي هنا هي أولى مصادر الهوية المستقاة من الوجه ،المصدر الأكثر بدائية الأكثر قابلية للتوسع والإستيعاب، الوجه الذي رسم نصفه الأب و النصف الآخر الأم، كلاهما وضع نصفه فيه بكل ماحمله من تاريخ و فكر و إنتماء و هوية حتى الألوان..مما ينفي عنه أنه مجرد نتيجة فيزيولوجية لنداء هرموني حيواني.

وجه الإنسان هو كينونته الأولى ، هويته الأولى أن تحجبه بأي حجاب كان هو أن تحجب إختياراته و تعبيراته الأولى و الأخيرة، إنسان محتجب الوجه هو إنسان لا تعبير له ، لا هوية له..هو إنسان مغيب ..ولا أعني بالحجاب مجرد قطعة قماش مزركشة ،ولا الوجه خصلات شعر.

إذا كان مايميزنا عن بقية المخلوقات هو عقلنا و إنتاجاته و حضوره المميز، فلا يجب تحت أي مسمى من ضعف، غريزة شهوة أو أيا كان، إهانة ذلك العقل بما يمثله،لنرجع الإنسان لحالة ماقبل الإنسانية.

فالحجاب -في نظري- هو إهانة للرجل و للجمال و للإنسانية و للهوية و لحرية الإختيار..
فالرجل ليس كائنا شهوانيا تقوده غرائزه،إلا لما قدر لنا -كإنسانية تتكون من رجال شهوانيين و نساء مثيرات للشهوة - إنتاج كل ذلك الإنتاج الإنساني للجمال و الفنون و الأداب و العلوم و لما قدر لنا أن نخطو على القمر،فالإنسان ليس أداة كالحيوان المساق بأجديات الطبيعة المختلفة كالشهوة، ومع ذلك فلا أنفي عن الإنسان جانبه الحيواني -مع تسجيل إعتراضي على اللفظ- ،إلا أنه لا يجب تعريفه بأنه الجانب ذو السيطرة الأكبر، وهنا يأتي دور الجمال..فليست الشهوة هي معيار تحسس الجمال الوحيد، فلكل حاسة دورها و معيارها المستقل. وإلا كان الأحرى بالحور العين بما يمثلونه من قيم جمالية متعددة المقاييس أن يرتدوا الحجاب درءا للفتنة.
أوليس ذلك إنتقاصا من أعظم و أجمل ما خلق ربي وهو المرأة، -ذلك الذي دعاني لفصلها عن قائمة ضحايا الحجاب لتأتي وحيدة لرفعة قدرها-.

الوجه أول الإنسان، كيف حدث لدينا أن أصبح الوجه آخر المرأة؟....أدونيس

7 comments:

Maisa M. Rahman said...

في الواقع يا عبد الله لم استطع تحديد نقطة الاعتراض...هل هو الحجاب أم النقاب؟

هناك بعض النقاط التي أرغب في التعليق عليها....
أولا، فيما يتعلق بكينونتنا الإنسانية و البعد الحيواني (الذي تعتبره اعداء)...اعتقد اانا خلقنا مزيح من روح و احساس و عقل و مادة...و اغفال واحد من هذه العناصر يعتبر نظرة غير واقعية لوجودنا الانساني...

ثانيا...فيما يخص ما الذي يسيطر على الإنسان...الشهوة أم العقل؟...اعتقد ان الأنسان هو تجربة وجودية...و احتراما لتفرد هذا الوجود لا نستطيع تعميم قاعدة أو رأي على التجربة الانسانية...كالاطياف نختلف في تجربتنا الوجودية...و بالتالي تختلف قراراتنا و اتجاهاتنا...و يختلف معها العامل الاكثر تأثيرا في حيواتنا...بين عقلاني و عاطفي و شهواني و روحاني...و القائمة لا تنتهي. و على ذلك عند و ضع تشريع أو قانون اكثر ما يوضع في الاعتبار هو احتماليات الضرر التي قد تنتج من القلة الغير سوية و التي تشذ عن القاعدة العريضة الطبيعية و ذلك احماية هذه القاعدة العريضة.

لذلك عند وضع قانون تجريم للقاتل فلا يعني ذلك ان السادية طبيعة انسانية.

ثالثا...عن الوجه و النقاب...فالامر قضية دينية و لا اعتقد انه يجب ان يكون لها تبرير...بمعنى لماذا نصلي..و لماذا يصلي المسلمون بشكل يختلف عن صلاة المسيحين أو اليهود و لماذا تختلف العبادات في الديانات المختلفة...و لماذا تختلف الشعائر الدينية لأصحاب الديانات السماوية عن الهندوس و البوذيين و غيرهم...؟ لا اعتقد بوجود مبرر لاتباع احدى الشعائر و تقبلها عن غيرها...فهي مجدر شريعة أو امر ديني يقوم من يقوم به كعمل لأثبات الطاعة للرب...و لهذا يجد الكثير شعيرة الطواف حول الكعبة امر وثني و غير مبرر...و هكذا.
و في ذلك فإن قضية النقاب قضية فقهية خلافية..اختلف فيها العلماء مما يجعل الاخذ بها او تركها مقبولين دينيا بحسب اختيار الادلة.

اما عن قضية الحجاب، فكما ذكرت أنما هي شعيرة دينية...لا يرجى منها تبرير أو فائدة لقبولها او رفضها كالصوم عدد معين من الساعات بشكل معين في توقيت سنوي معين او الصلاة بشكل معين في اوقات معينة او الحج بشكل معين...فهي شريعة طاعة للرب...و على كل من يعتنق مبدا ديني يختلف عن غيره احترام الآخر و شعائره.

و في النهاية...عن الوجه...فانا غي اعتباري الشخصي ان الجسد البشري هو صورة ابداعية للخلق و ليس اداة لإثارة الغرائز...و لكن لا نستطيع ان ننكر رغبة الانسان في ستر جسده الامر الذي قد يعزو إلى العديد من الاسباب:
1- الضمير الجماعي للمجتمع.
2-الفطرة الناشئة عن الثقافة الروحانية الدينية.
3-(كما ذكر في موسوعة قصة الحضارة لول ديورانت)تطور فكرة العفة لضمان حقوق الملكية. ان في المجتمعات البدائية لم تكن فكرة الزواج قائمة و بدأت تظهر مع ظهور فكرة الملكية حيث بدأ الرجل يرغب في الاحتفاظ بملكيته في الأرض و الموارد و غيرها و توصيل ذلك لنسله...فبدأت فكرة الزواج في الظهور و بدأت فكرة العفة تزداد اهميتها لأنها تعني ان الرجل يضمن ان نسله لا يختلط بنسل رجل آخر.

Maisa M. Rahman said...

البعد الحيواني الذي تعتبره ادعاء*

Abdulla.N said...

i dont understand your point maisa??explain plz.

Abdulla.N said...

sorry i did not see ur comment...maisa.

Abdulla.N said...

ميساء ، أشكرك على تعقيبك و أسجل إحترامي لوجهة نظرك بالرغم من رفضي الكامل لها لخروجها عن قواعد المنطق و الطبيعة- في نظري- ، لذا فإسمحي لي بالرد أيضا بإستخدام كلماتك و النقاط التي ذكرتيها:

1. إعتراضي على الحجاب و منه للنقاب أيضا :
فالوجه (بداية من الملامح و الشعر= الرأس) ، هو أول مفردات الهوية الإنسانية التي يكتسبها الفرد، و التي يشارك في وضعها الأب و الأم و الجدود و البيئة ، وستبقى كذلك، فمن يطلب منه أن يغطي جزءا من هويته الإنسانية لأنها تخاطب غرائز حيوانية فالأجدر ألا ننتظر منه تمسكا بهوية أخرى أكثر ديناميكية .

2.أنا لا أنفي عن الإنسان البعدالحيواني ، و لاأعتبره إدعاءا كما فهمتي ، بل هو جانب إنساني هام و مؤثر في الإنسانية و لكنه يختلف عنه في الحيوان أنه قابل للطرق و السحب ضمن الخواص المميزة للإنسان من معرفة و إحساس تضمن له رقيه عن الحيوانات ، فكيف نرتضي مخاطبته حيوانا فقط؟؟!!

3.من كلماتك: ( إحتراما لتفرد هذا الوجود لا نستطبع تعميم قاعدة أو رأي )
(كالأطياف نختلف في تجربتنا الوجودية)
(إحتماليات الضرر التي قد تنتج من القلة الغير سوية)
(لا يعني ذلك أن السادية طبيعة إنسانية):
ألا ترين كمية التناقض مابين تعميم قانون القلة غير السوية على الطبيعة الإنسانية المختلفة الاطياف التي لا نستطيع تعميم قاعدة أو رأي عليها؟؟!!
فإذا وضعنا سقفا ذو إرتفاع معين أقل من طول أغلب الناس ، لأنه صمم ليناسب القلة الغير سوية ، فالأكثرية سيتم مسخها و قولبتها بإنحناء أبدي يكسر الحس الإنساني بالرقي عن الجنس الحيواني ، لأن القانون يخاطب الأكثرية الإنسانية بمفردات الأقلية الحيوانية الغير سوية.

4. من كلماتك :(لا أعتقد بوجود مبرر لإتباع إحدى الشعائر و تقبلها عن غيرها)،فإن ذلك لايعني عدم وجود المبرر ، أضف إلى ذلك أنك بذلك تثبتين ما يدعيه الدارونيون أن الأديان قائمة على منافاة العلم و المنطق في حين أن الدين الإسلامي يدعو للتفكر و التدبر في كل شيء بكمية الإعجاز العلمي الذي إحتواه و بأول آياته.
من الكتب التي قرأت بعض صفحاتها كان (مائة سؤال في الإسلام) أو (حول الإسلام) ،وكان يغص بالكثير من علامات الإستفهام التي يراها الكثيرون غير مبررة للأبد ، فيما يقتل التفكير و حرية القبول أو الرفض التي كانت عاقبتها الجنة أو النار.

5.إسمحي لي أن أسجل إعتراضي و بأشد الوسائل وأكثرها وضوحا على النظرة الدونية للمرأة التي تصنفها ضمن الممتلكات العينية أو الأدبية ، فالمرأة هي الكائن الأعظم و الأسمى و الأجمل على الإطلاق . ويكفي تلك الإنسانية التي تجمعها بالرجل لئلا تكون أملاكا ، فإذا كانت المرأة تنفي عن نفسها إنسانيتها لترتضي ملكية الرجل لها فالأدعى أن يكون لها أرقام تسجيل ملكية.
وفي نظري فإن أحد أهم مسببات تلك النظرة الدونية التدميرية للإنسانية هو الحجاب بما يقولب به الإنسان ضمن تعريف الطريدة و الصياد أو الفريسة و المفترس.

6.إذا كانت أخلاقنا الإجتماعية مرتبطة بقطعة قماش فذلك دليل صارخ على تفسخها و إدماننا على الكذب على أنفسنا ضمن الترجمة النمطية لقاعدة: (عادة و ليست عبادة) و (إن الله أدرى بصالح خلقه).
و المثال الحي على ذلك هو المجتماعت الخليجية.

7.إسمحي لي أن أصف إستشهادك بمقولة ويل ديورانت عن أخلاق المجتمع و الملكية بأنه خروج عن النص ، بما لا يتفق مع مدى عمق أخلاق المجتمع و تعاريف الملكية و الأكثر من ذلك الإنسانية التي لن يغلب عليها أبدا – بالرغم من دوره ووجوده- الجانب الشهواني الحيواني.

ومع ذلك فأنا أحترم الحرية التي دفعت شخصا ما للإرتداء الحجاب ، لأنها نفس الحرية التي دفعت غيره أن يرفض ذات الشيء ، وهي أيضا التي دفعتني لرفض الفكرة دون الشخص أو حريته.

و في النهاية لا أملك سوى أن أشكرك على مشاركتك و سعة صدرك.

Maisa M. Rahman said...

عبد الله ...اشكرك على الرد و لكن ارغب في التعقيب على بعض النقاط:

1-من كلماتك: ( إحتراما لتفرد هذا الوجود لا نستطبع تعميم قاعدة أو رأي )
(كالأطياف نختلف في تجربتنا الوجودية)
(إحتماليات الضرر التي قد تنتج من القلة الغير سوية)
(لا يعني ذلك أن السادية طبيعة إنسانية):
الرأي غير متناقد بل كل جملة تعبر عن ان كل شئ لا يمكن تعميمه و عند فرض العقوبات القانونية يتم فرض القاعدة على "الخارج عن القانون" أي الاستثناء و هنا لا يأتي و لا يتناقض دفاعي.

2-اما عن التفكير في الاسلام، فالاسلام لم يحجر يوما حرية التفكير بل هو دين تفكر و لكن لمحدودية المعرفة الانسانية يتطلب تغليب تقبل الأمر الديني و الشعيرة حتى و لم يجد لها العقل مبرر لأن ذلك إن دل على شئ دل على عدم كمال المعرفة و هي حقيقة مثبته...على سبيل المثال عندما نزل القرآن بتحريم اكل لحم الخنزير لم يكن الانسان البدوي البسيط في الصحراء على علم او دراية بالسبب و لم يكن هناك(بالنسبة له)مبرر لهذا التحريم...و في العصر الحديث و مع تطور العلم اثبتت الابحاث العلمية اضرار اكل لحم الخنزير.

3-اما عن ويل ديورانت فالأمر هو واحد من العروض الفكرية لتطور الحضارة و التي يختلف فيها الفلاسفة و منهم من يتفق معه او يختلف و لكنه يبقى كغيره معبر عن نظرية...و في النظريات كل شئ محتمل!

و في النهاية انا اشكرك على ردك و على اتاحة المساحة للمشاركة.

Maisa M. Rahman said...

عبد الله ...اشكرك على الرد و لكن ارغب في التعقيب على بعض النقاط:

1-من كلماتك: ( إحتراما لتفرد هذا الوجود لا نستطبع تعميم قاعدة أو رأي )
(كالأطياف نختلف في تجربتنا الوجودية)
(إحتماليات الضرر التي قد تنتج من القلة الغير سوية)
(لا يعني ذلك أن السادية طبيعة إنسانية):
الرأي غير متناقد بل كل جملة تعبر عن ان كل شئ لا يمكن تعميمه و عند فرض العقوبات القانونية يتم فرض القاعدة على "الخارج عن القانون" أي الاستثناء و هنا لا يأتي و لا يتناقض دفاعي.

2-اما عن التفكير في الاسلام، فالاسلام لم يحجر يوما حرية التفكير بل هو دين تفكر و لكن لمحدودية المعرفة الانسانية يتطلب تغليب تقبل الأمر الديني و الشعيرة حتى و لم يجد لها العقل مبرر لأن ذلك إن دل على شئ دل على عدم كمال المعرفة و هي حقيقة مثبته...على سبيل المثال عندما نزل القرآن بتحريم اكل لحم الخنزير لم يكن الانسان البدوي البسيط في الصحراء على علم او دراية بالسبب و لم يكن هناك(بالنسبة له)مبرر لهذا التحريم...و في العصر الحديث و مع تطور العلم اثبتت الابحاث العلمية اضرار اكل لحم الخنزير.

3-اما عن ويل ديورانت فالأمر هو واحد من العروض الفكرية لتطور الحضارة و التي يختلف فيها الفلاسفة و منهم من يتفق معه او يختلف و لكنه يبقى كغيره معبر عن نظرية...و في النظريات كل شئ محتمل!

و في النهاية انا اشكرك على ردك و على اتاحة المساحة للمشاركة.